تعددت أسباب الحروب منذ قدم التأريخ، وقد اخترع لها الإنسان ما يناسبها من أسلحةٍ فتاكةٍ بخصمه وقرنها بأساليب وتكتيكاتٍ قتاليةٍ متعددةٍ ومتغيرةٍ، تطورت بتطور حضارة البشرية، بدايةً من العصور الجليدية والطباشيرية والحجرية، وانتهاء بالعصر الحديث، ولم يعدم الإنسان الوسائل والأدوات والأساليب سواءً لقهر أعدائه أو للدفاع عن نفسه ومصالحه. تطورت أجيال الحروب بما تحتويه من مجالاتٍ وقدراتٍ وأسلحةٍ ومعداتٍ وتكتيكاتٍ، فتعاظمت مع هذا التطور خسائره بالقدر نفسه لتعاظم مكاسبه، فوجد العديد من المشكلات التي واجهها بعد انتهاء حربه وقهر أعدائه. فعلى الرغم من كونه قد خرج منتصراً انتصاراً حربياً وقد هزم أعداءه واستولى على خيراتهم، إلا أنّه اكتشف بعد إعادة حساباته بعد انتهاء القتال، أنه قد مُني بخسائر اقتصادية وبشريةٍ فادحةٍ، وقد نتجت عن حربه –على الرغم من كونه منتصراً- مشكلات متعددة ومتنوعة، اجتماعية ونفسية وفكرية وبيئية، ففكّر في وسائل أخرى لهزيمة أعدائه ونيل جميع مطامعه، من دون تكبد خسائر الحروب التقليدية أو دفع تكلفتها العالية، فابتكر الجيل جديد من الحروب بتطوراته كافة. لقد ساعد التطور التكنولوجي في تطوير أدوات الحروب الحديثة بتسارع، بنحو يتعين على الجيوش الحديثة أن تلاحقه، وهذا كان سبب تطور أساليب الصراع فيما يسمى بالجيل الأول للحرب، ثم الجيل الثاني ثم الجيل الثالث، ومع القفزة التكنولوجية الهائلة التي ظهر تأثيرها على العلاقات الدولية وعلى رأسها بالطبع أدوات الصراع العسكري، ظهرت فكرة الجيل الرابع للحرب -التي كانت بعد ذلك جزء من الحروب اللامتماثلة (غير النمطية)- في الجيش الأمريكي باعتباره أكثر جيوش العالم امتلاكاً للتكنولوجيا الحديثة والفائقة، وأيضا أكثر جيوش العالم تورطا في الصراعات الإقليمية والعالمية. في هذا البحث سوف تظهر الطبيعية الحقيقية للحروب اللامتماثلة (غير النمطية)، ولاسيما بعد ظهور مقالات كثيرة في مصر والعالم العربي معظمها اقتصر تركيزها على أبعاد متنوعة ركزت فيها في الحرب النفسية فقط -متجاهلة العمق التكنولوجي لتلك الحروب- باعتبار ارتباطها ارتباطاً وثيقاً بوسائل الإعلام وأعمال المخابرات، ومن ثم كان الجدل الدائر بشأن مفهوم أجيال الحروب مع التركيز على ما أطلق عليه “الجيل الرابع” نتيجة وجود مفهوم إعلامي دارج الكل يردده، وهذا ممكن أن يؤثر في التعرف على الأدوات الصحيحة للحروب الحديثة؛ وبالتالي يقلل فرص امتلاك أدواتها ويضع الدول في مخاطرة كبيرة.

لقراءة المزيد اضغط هنا