د. محمد أرمين كربيت – باحث في الشأن السياسي «الإسرائيلي»
د. عماد صلاح الشيخ داود – أستاذ السياسات العامة/ كلية العلوم السياسية/ جامعة النهرين
مدخل:
منذ (إعلان) وعد بلفور في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1917 الذي أعطى فيه مَن لا يملك وطناً إلى مَن لا يستحق والإعلانات والاتفاقيات الغربية مستمرة لدعم الكيان الصهيوني على أرض فلسطين السليبة بصيغ مختلفة يتوقف إزائها كل التراث الخاص بحقوق الإنسان والعهود الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مشهد يدل على أنَّ العالم ينظر بعين واحدة للقضية الفلسطينية التي تشهد في كلِّ يومٍ انتهاكات صارخة بدعم من القوى الدولية وبالأخص الولايات المتحدة الأميركية صاحبة ثقافة (اليانكي) المعروفة التي تتصرف في شعوب العالم على نحو فج كان آخرها ما يسمَّى بإعلان القدس للشراكة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني.
إعلان القدس النصوص والتبريرات :
في زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى القدس المحتلة، وتحديداً في اليوم الثاني من جولته بالمنطقة جرت مراسم توقيعه الاتفاق المشترك مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني (يائير لبيد) أُطْلِقَ عليه «إعلان القدس» للشراكة الإستراتيجية.
تضمن الاتفاق تأكيد الروابط غير القابلة للكسر، وعلى الالتزام الدائم من قبل الولايات المتحدة بأمن الكيان، والحفاظ على تفوقه العسكري النوعي، وعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي، ومواجهة الأنشطة الإيرانية بالمنطقة، ويهدف «الإعلان» تأكيد الشراكة الإستراتيجية بين الطرفين التي تقوم على أسس متينة من القيم المشتركة، والمصالح المشتركة، والصداقة الحقيقية، فضلاً عن ذلك، تؤكِّد الولايات المتحدة «وإسرائيل» أنَّ من بين القيم المشتركة بين الدولتين التزاماً ثابتاً بالديمقراطية وسيادة القانون.
في حقيقة الأمر أنَّ «الإعلان» المذكور لم يأتِ بجديد؛ وإنَّما هو استمرار لسياسة الإدارات الأمريكية تجاه التزاماتها إزاء الكيان الصهيوني، وضمان استمرارية وجوده. وبيان العلاقة الأمنية طويلة الأمد بين الجانبين، إذ تشدِّد الولايات المتحدة التزامها الثابت بالحفاظ على قدراته في ردع أعدائه وتعزيزها والدفاع ضد أي تهديد أو مجموعة من التهديدات، وتأكيد الالتزامات الإستراتيجية من قبل الولايات المتحدة؛ لأنَّها ذات أهمية حيوية لأمنها القومي. وفي مقدمتها قضية مفاوضات البرنامج النووي الإيراني، وأنَّها مستعدة لاستخدام جميع عناصر قوتها الوطنية لضمان هذه النتيجة.
كما تجدِّد الولايات المتحدة التزامها بالعمل مع الشركاء الآخرين لمواجهة الأنشطة المزعزعة للاستقرار، سواءً أكانت مدفوعة بصورة مباشرة من قبل إيران أو عن طريق وكلاء ومنظمات تصنفها على أنَّها إرهابية، مثل: (حزب الله اللبناني، وحركتي المقاومة الإسلامية (حماس)، والجهاد الإسلامي في فلسطين)، وقبيل مغادرته واشنطن إلى القدس قال بايدن في لقاء تلفزيوني مع -القناة 12 الإسرائيلية- إنَّ الخيار العسكري في مواجهة إيران سيبقى حاضراً، لكنَّه سيكون الخيار الأخير، كما أكَّد بايدن أنَّه لن يزيل الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب حتى لو كلَّف ذلك عدم التوصل إلى اتفاق مع إيران، مشيراً إلى أنَّ المساعي للعودة للعمل بموجب الاتفاق السابق مع إيران مع تقويته ما زالت متواصلة، وشدَّد بايدن عبر اللقاء التلفزيوني على أنَّ الولايات المتحدة ستعود إلى الشرق الأوسط؛ لأنَّ الفراغ الذي تركته أعاد الصين وروسيا إلى المنطقة.
بالمقابل تراقب طهران عن كثب زيارة الرئيس الأميركي إلى المنطقة، لا سيَّما الشق المتعلق بدمج الدفاعات الجوية الإسرائيلية مع دولٍ عربية، وحذَّر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي من أنَّ بلاده ستردُّ على أي تحرك يستهدفها، وفي السياق نفسه، دعا المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني الولايات المتحدة إلى التوقف عن مساعي تشكيل تحالف إقليمي واحترام سيادة دول المنطقة، مؤكداً أنَّ الدول الداعمة «لإسرائيل “تتحمَّل مسؤولية أي إجراء “إسرائيلي” غير قانوني ضد بلاده.