الإصلاحيون والمحافظون، تخبط وسط عدة مغامرات
يفصلنا أقل من شهر واحد على انتخابات الدورة الحادية عشرة لمجلس الشورى الإيراني، لكن التيارين السياسيين الرئيسين في البلاد يواجهان عدة تحديات في مساعيهما الرامية إلى استكمال قوائمهما الانتخابية. فالمحافظون يواجهون مشكلة في استكمال قائمة واحدة جراء كثرة عدد المرشحين والمنافسين المختلفين، لكن الإصلاحيين بخلاف ذلك يعانون من مشكلة عدم وجود مرشحين بارزين لتقديم قائمة تضم (30) مرشحاً في طهران.
وعلى وفق تقرير نشرته وكالة إيسنا، حُدّد تحديد يوم 12 شباط 2020 موعداً لإعلان النتائج النهائية لنيل المرشحين لانتخابات الدورة الحادية عشرة لمجلس الشورى الأهلية وانطلاق الحملات الانتخابية لهذه الانتخابات المزمع عقدها يوم 21 من الشهر نفسه.
على الرغم من بقاء أقل من شهر واحد لإجراء الانتخابات إلا أن عدم وجود جو انتخابي في المجتمع من جهة والمشكلات التي يعاني منها الإصلاحيون والمحافظون في استكمال القوائم الانتخابية من جهة أخرى تعدّ عقبات يواجهها الجناح اليساري واليميني في الوقت نفسه.
المحافظون: من طمع في الفوز بكل شيء إلى خسارة كل شيء
كالعادة كان التيار اليميني وجبهة المحافظين حاضرين في الانتخابات بوفاض مليء وأيادٍ مترعة، فجاء تسجيل أسماء المرشحين الأصوليين على نطاق واسع، وإن حصول أغلب الشخصيات البارزة في هذا التيار على الأهلية أتاح أمامهم خيارات كثيرة للمشاركة في انتخابات الدورة الحادية عشرة لمجلس الشورى، لكن التيار اليميني يواجه معضلة تتمثل في تحقيق الوحدة.
 يبدو أن المحافظين يعدون أنفسهم الفائزين في انتخابات الدورة الحادية عشرة للمجلس؛ لعدم وجود منافس قوي، كما حدث في الدورة الثامنة لانتخابات المجلس، فهم يفكرون في التنافس فيما بينهم، ويتم تناقل أحاديث عن تقديم لائحتين أو أربع لوائح مختلفة للمرشحين المحافظين.
وإن عدم ترشح علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإسلامي خلال الدورات الثلاث الأخيرة وتهميش مناصريه والحكومة في التيار المحافظ، دفع مناصري قاليباف والتيار المحافظ الجديد للإمساك بزمام أمور المجلس القادم طبعاً بدعم الأصوليين كافة. وفي البداية جرى حديث وسط التيار اليميني عن الوحدة الكاملة 100 %؛ ولهذا السبب في 12 تشرين الثاني 2019 أصدر مجلس تحالف قوى الثورة الإسلامية بياناً أعلن فيه تأسيسه، واُنتخب غلامعلي حداد عادل -رئيس مجلس الشورى في دورته السابعة- رئيساً لمجلس التحالف، ومحسن بيرهادي -المقرب من قاليباف والأمين العام لجمعية التقدم والعدالة لإيران الإسلامية- متحدثاً باسم هذا التحالف.
يسعى محمد رضا باهنر معاون رئيس المجلس السابق وأحد الشخصيات المتنفذة في التيار اليمني باعتباره الأمين العام للجمعية الإسلامية للمهندسين ورئيس جبهة أتباع خط الإمام والقائد المتآلف من قرابة عشرين كتلة محافظة، يسعى عبر توظيف قوة اللوبي الخاصة به إلى جمع المحافظين كافة تحت مظلة مجلس التحالف.
ومن جانب جمعيتي (علماء الدين المجاهدين ومدرسي حوزة قم العلمية) -اللتين كانتا على الدوام مطروحتين كمرجع لوحدة المحافظين، لكنهما خلال هذه الدورة تنتحتا جانباً تقريباً ومن غير المقرر أن تحظيا بحضور فاعل في الانتخابات- فقد انحصرت نشاطاتهما لعلماء الدين المحافظين في انتخابات مجلس الخبراء النصفية. لكن جمعية علماء الدين أعربت عن استعدادها لأداء دور الحكم بين المحافظين في حال بروز خلاف في مجلس التحالف.
تحددت يوم الثلاثاء 21 كانون الثاني 2020 القائمة التي تضمنت (159) مرشحاً عن مجلس تحالف قوى الثورة الإسلامية للمشاركة في انتخابات الدورة الحادية عشرة للمجلس، يقال أنه من المقرر اختيار (30) مرشحاً محافظاً في طهران من بين الـ(159) مرشحاً.
مهدي شمران عضو مجلس تحالف قوى الثورة وأحد أعضاء الجبهة الشعبية لقوى الثورة (جمنا) التي خبا بريق أدائها في هذه الانتخابات فحَّل مكانها مجلس التحالف، استعرض يوم 22 كانون الأول 2020 الإجراءات المتخذة خلال الأيام الأخيرة من قبل مجلس التحالف لإعداد قائمة الـ (30) مرشح النهائية قائلاً: «من خلال التنسيق والتشاور الذي حصل، تقرر خلال الأسبوع المقبل [إجراء انتخابات] الجمعية العامة لمجلس التحالف بمشاركة أكثر من (7000) شخص، وأن تجري بشكل إلكتروني».
أوضح عضو مجلس تحالف قوى الثورة: «في نهاية المطاف ستعمل الجمعية العامة على انتخاب (90) شخصاً ممن حصلوا على أعلى الأصوات في الجمعية من بين الـ(159) مرشحاً الذين توافرت فيهم شروط الترشح في المرحلة السابقة لهذه الجمعية، وهم شخصيات بارزة ولهم تأريخ في العمل السياسي وكانوا أعضاءً في المجلس، بعدذ لك سيتم إجراء استطلاع عام يتم اختيار (10) أشخاص بشكل نهائي من بين هذه الشخصيات لتنضم إلى لائحة مجلس التحالف في طهران».
إلى هنا يتضح أن مجلس التحالف يسعى من خلال جمع أطياف المحافظين كافة إلى وضع قائمة واحدة للتيار اليميني، لكن في هذا الخضم تغريد بعض الأحزاب والشخصيات المحافظة خارج السرب ربما يفضي إلى عدم تبلور هذه الوحدة.
يعتقد الناشط السياسي مرتضى مبلغ «بوجود تباين وانقسام بين المحافظين، ومناصرو أحمد نجاد، والمنضوين في جبهة ثبات الثورة الإسلامية، المحافظين وكذلك تيار شباب الثورة الساعيين لتحقيق الفوز في انتخابات المجلس».
وفي السياق نفسه يقول الناشط السياسي غلام رضا أنصاري: «من المؤكد أن تيار المحافظين سيشارك في انتخابات مجلس الشورى الآتية بثلاث أو أربع قوائم انتخابية تضم مناصرو أحمد نجاد، داعمو قاليباف، أعضاء جبهة ثبات الثورة الإسلامية والمحافظين المعتدلين».
يعتقد بعض الناشطين السياسيين أنه يمكن القول -بكل سهولة- إن الأوضاع في التيار اليميني ليست على ما يرام، فبوجود هذا العدد الكبير من المرشحين الذين يتمتع كل واحد منهم في موقعه بالقدرة على المنافسة، بات الوصول إلى وحدة كاملة 100 % ضرباً من المحال، وبحسب «باهنر» فإن «تحقيق الوحدة بأقصى حد ممكن يعدّ أمراً جيداً».
من الممكن أن يعدَّ المحافظون أنفسهم فائزين مسبقاً في الانتخابات لعدم وجود منافس جدي، وفي خضم احتدام منافسة داخلية، ربما يخسرون كل شيء لطمعهم في الظفر بكل شيء.

لقراءة المزيد اضغط هنا