إن انتشار ظاهرة الفساد وتجذرها في مؤسسات الدولة وسلوكيات المواطن -نتيجة إرث النظام الدكتاتوري السابق من حروب وحصار، فضلاً عن انعدام العدالة الاجتماعية من جانب، وعدم الاستقرار الأمني والسياسي بعد عام ٢٠٠٣ وما رافقه من غياب الشفافية وانتشار المحسوبية والمحاصصة الطائفية من جانب آخر- يهدد شرعية النظام الديمقراطي ووجوده في العراق، ولعل آخر تهديد وجودي للعراق الذي تمثل بإرهاب داعش قد استغل الفساد لاختراق العديد من المؤسسات وتجنيد الأنصار؛ لذا بات لزاماً الحد من بعض أوجه الفساد التي تلامس حياة المواطن اليومية وتنخر بنية الدولة العراقية.

وإن نجاح جهود مكافحة الفساد في العديد من الدول التي كانت تعاني أوجه الفساد نفسها التي تعانيها الدولة العراقية اليوم، فضلاً عن بعض قصص النجاح التي شهدها العراق بعد عام 2003 كتيسير إجراءات الجوازات، والشفافية في نظام ابتعاث اللجنة العليا لتطوير التعليم في العراق، والحد من هدر المال العام عبر جباية أجور الكهرباء، تبشر بإمكانية الحد من الفساد، وهذا الأمر سيؤدي بدوره إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية الآتية:الحفاظ على الأمن الوطني، والنهوض بعملية إعادة بناء العراق وواقع الخدمات العامة، وإعادة ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة.

وسيؤدي الحد من الفساد أيضاً إلى الارتقاء بالمستوى الأمني، إذ تؤكد الخبيرة في مجال الديمقراطية وحكم القانون في معهد كارنيغي سارة جايس وجود علاقة سببية بين الفساد والإرهاب، فالفساد يمتهن كرامة الإنسان مما يدفعه إلى التطرف، فضلاً عن غياب وسائل استعادة الحقوق، واتساع شبكات الفساد وتعقيدها، وحجم الأموال التي تهدر نتيجة الفساد، كلها تساعد على انتشار الإرهاب، إذ إن كثيراً من الدراسات تشير إلى أن الفساد المنتشر في مؤسسة القوات المسلحة حينها من جنود وهميين (فضائيين) ومحسوبية ساعد على احتلال داعش للعراق.

لقراءة المزيد اضغط هنا