بعد سفر روحاني إلى نيويورك، انتزعت المبادرات الإيرانية بعض أدوات الضغط الأمريكية ضد طهران وأوراقها الرابحة من يد ترامب؛ لذلك يعتقد بعضهم أن طهران لو نجحت في الصمود تجاه العقوبات الجديدة بهذا الأسلوب -ويدرك البيت الأبيض أنه لا يستطيع الوصول إلى غاياته بفرض العقوبات- فلا يُستبعد لجوء ترامب إلى خيار الحرب والتدخل العسكري. ومن أجل دراسة هذا الأمر، وتحليل الخيارات الأخرى للبيت الأبيض تجاه إيران في حال فشل العقوبات الجديدة أجرت “الدبلوماسية الإيرانية” حواراً مع الخبير في شؤون الولايات المتحدة “أمير علي أبو الفتح”.

بدأت اللعبة الإيرانية الجديدة في الأسابيع الأخيرة من خلال إنجازات حسن روحاني الدبلوماسية في نيويورك، واستمرت بخطة الاتحاد الأوروبي بتقديمهم برنامج SPV(الكيان القانوني لتسهيل التجارة في ظل العقوبات) لدعم الاتفاق النووي، وبموازاته كان حكم محكمة العدل الدولي في لاهاي لصالح إيران وفي النهاية بعد تصويب مشروع انضمام إيران إلى CFT(المعاهدة الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب)، وتمكنت طهران من انتزاع الأوراق الرابحة من واشنطن في هذا النزاع بين الطرفين؛ إن كان الأمر هكذا، فكيف سيكون رد الفعل الأمريكي تجاه الملف الإيراني؟

إن المسألة المهمة هي التأثير النهائي للعبة إيران؛ وإن نجحت إيران بانتزاع أوراق أمريكا الرابحة، فعلينا أن نرى إلى أيِّ طرف ستميل الكفة في النهاية. ومن الواضح جداً أن كلاً من طهران وواشنطن يختبران القوة السياسية والدبلوماسية وهذا الاختبار مصيري ومهم جداً؛ إذ تحاول الإدارة الأمريكية -وبعد الخروج الأحادي الجانب للولايات المتحدة من الاتفاق النووي- أن تصعّد من سياستها العدائية وتزيد ضغوطها ضد طهران وهذا ما نراه في فرض العقوبات الجديدة ووضع العراقيل أمام بيع النفط الإيراني كي يصل إلى الصفر. وبالتأكيد ما تزال قضية الحرب النفسية موجودة، كي تنجح الولايات المتحدة في جرّ إيران إلى طاولة المفاوضات وتجعلها ترضخ لمطالبها؛ من أجل الوصول إلى أهدافها في قضايا حساسة مثل القدرة الصاروخية الإيرانية، والنفوذ الإقليمي لإيران، وفرض اتفاقيات جديدة غير نووية. ومن جهة أخرى، تبحث الجمهورية الإسلامية في إيران عن سبل للردّ على هذه الضغوط. وفي هذا السياق يجب القول: مع أن إيران كانت منعزلة ووحيدة في المجتمع الدولي قبل الاتفاق النووي، لكنها لم تعد تعاني من مثل هذه الظروف وقد تحسنت علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، والصين، وروسيا وسائر الدول الأخرى. وفي ظل هذا الأمر، لم يتمكن ترامب حتى الآن من انتزاع هذه الورقة الرابحة من إيران، وإن الولايات المتحدة هي من تعاني الآن من عزلة دولية لم يسبق لها في تأريخها؛ فباستثناء عدة لاعبين فقط مثل المملكة العربية، وإسرائيل، فإن أغلب دول العالم ليس لديها علاقات جيدة ومثالية مع أمريكا.ومع هذا -وفي سياق ما أشرت إليه- يمكننا أن نقول إن إنجازات سفر روحاني إلى نيويوركوما جرى في اجتماع مجلس الأمن الدولي برئاسة دونالد ترامب نفسه، وصدور حكم محكمة العدل الدوليالمؤقت لصالحإيران والقضايا الخاصّة بقوانين FATFمع أنها نجحت في انتزاع الأوراق الرابحة من الولايات المتحدةواحدة تلو الأخرى، ولكن يجب أن نشير إلى هذا الأمر أيضاً: مع أن إيران هي من تمتلك نسبة فوز كبيرة على الساحة الدبلوماسية والسياسة الخارجية، إلا أن القضايا الاقتصادية وظروف المعيشة للمجتمع الإيراني تقلل كثيراً من أهمية هذا الفوز والنجاح.

لقراءة المزيد اضغط هنا