سمية فيشامبايان، إعلامية تختص في مجال الاقتصاد والعملات المالية، وتعمل لصالح جريدة وول ستريت جورنال.

ارتفعت أسعار النفط الخام الأمريكي حوالي 50٪ منذ تراجعه الأخير الذي بلغ 42.53 دولاراً للبرميل في 21 حزيران من العام الماضي، إلا أنَّ أسعار العملات للبلدان التي تنتج النفط بنحوٍ كبير قد تخلّفت عن الركب، فقد ارتفعت قيمة الكرونة النرويجية بنسبة 8.4٪ مقابل الدولار الأمريكي خلال المدة نفسها، في حين أنّ الروبل الروسي والدولار الكندي قد ارتفعت قيمة كل منهما بنسبة أكثر من 6٪ مقابل الدولار الأمريكي. وفي الوقت نفسه، انخفضت قيمة الدولار الأمريكي مقابل العديد من نظرائه، مع تراجع مؤشر أيس (ICE) بنسبة 7.2٪ منذ التأريخ المذكور.

ويعدُّ التباين بين النفط والعملات المرتبطة به أمراً غير اعتيادي، وعادة ما ترتفع قيم عملات الدول المنتجة مع ارتفاع النفط؛ لأنها تكسب مزيداً من الصادرات؛ وبالتالي نمو اقتصاداتها. لكن هناك بعض الأسباب التي تجعل العلاقة بين أسعار النفط والعملات مثل الروبل غير متزامنة، على وفق ما ذكرته شركة سوسيتيه جنرال.

ويساعد هذا الارتفاع في حركة النفط (الدينامية) التي تسمّى “تأجيل موعد البيع”، أي: إن العقود الآجلة طويلة الأمد تكون أرخص من العقود قصيرة الأمد؛ إذ إن المستثمر الذي لا يرغب بأن يخزن برميلاً من النفط في الوقت الحاضر يكسب المال عن طريق اللجوء إلى العقود الآجلة في المستقبل بدلاً من ذلك، من خلال عملية بيع عقود باهظة الثمن، وشراء العقود الأرخص سعراً.

وفي حين أن هذا العامل الفني يدفع أسعار النفط إلى الأعلى، إلّا أنّه لا يعني بالضرورة أن هناك تحسناً جوهرياً في التوقعات الاقتصادية للبلدان المنتجة للنفط، فهذا التأثير لا يظهر أي زيادة في قيمة عملاتها المالية كما هو الحال في أسعار النفط.

ويقول فيريندرا تشوهان المحلل النفطي في شركة “جوانب الطاقة” (Energy Aspects) في سنغافورة: “هناك انجذاب واضح بين عرض النفط أو السلع الأخرى والمحفظة الاستثمارية”.

وما يزال العديد من المستثمرين يركزون على المحركات الأخرى للسوق، إذ يقول كريستوفر براندون، مدير شركة ريكون كيرنسي ماناجيمنت (Rhicon Currency Management): “لم يعد للنفط دور فعال كالسابق، فالمستثمرون يبحثون الآن عن العوائد المالية أو أسعار الفائدة بنحوٍ أكبر”. وهو ما يعتقده جيمس كوك رئيس إدارة العملة في شركة أموندي للأصول في لندن، الذي استند برأيه إلى أنّ الدولار الكندي سينخفض ​​بناء إلى رؤيته لأسعار الفائدة بدلاً من أسعار النفط، ويرى السيد كوك أنّ ارتفاع مستوى الاقتراض المنزلي في كندا يمكن أن يحد من قدرة البنك المركزي على رفع أسعار الفائدة؛ الأمر الذي من شأنه أنْ يرفع قيمة الدولار الكندي مقابل العملات الأخرى مثل اليورو.

وهناك سبب آخر في عدم ارتفاع قيمة العملات المرتبطة بالنفط في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار النفط، هو أنَّ أسعار العملات لن تتراجع بنحوٍ كبير حينما انخفض سعر النفط الخام عام 2014.

إنَّ العلاقة بين النفط والعملات مثل الروبل غالباً ما تكون أقوى حينما تتدهور أسعار النفط، إذ يتخلّص المستثمرون بسرعة من كل شيء له علاقة بالنفط الخام، ولكن حينما ترتفع أسعار النفط يميل المستثمرون إلى شراء العملات المرتبطة بالنفط التي تعززها عوامل أخرى أيضاً وذلك على وفق شركة سوسيتيه جنرال.


المصدر:

https://blogs.wsj.com/moneybeat/2018/01/23/oils-surge-has-left-currencies-in-its-wake