انطلاقاً من الأهمية التي تحظى بها مراكز الفكر والرأي في الوقت الحاضر، فضلاً عن الدور الذي تضطلع به في إرشاد صانع القرار لأهم المعلومات التي تسهم في اختيار أفضل البدائل لديه، عقد مركز البيان للدراسات والتخطيط بالتعاون مع مركز دراسات البصرة والخليج العربي في جامعة البصرة ندوة علمية بعنوان (دور المراكز البحثية في صناعة القرار السياسيّ) يوم الاثنين الموافق ٢٧-١١-٢٠١٧، في بناية مركز دراسات البصرة والخليج العربي. وحضر الندوة جمع من الأكاديميين والباحثين، ألقى خلالها الباحثون أوراقهم البحثية التي أشارت إلى أهمية الدور الذي تؤديه هذه المراكز في ظل التغييرات التي حدثت -وما تزال تحدث- في النظام الدولي.

وشارك مركز البيان بورقة بحثية ألقاها السيد أيمن عبد الكريم ممثلاً عن المركز حملت عنوان: (مساهمة مراكز التفكير والرأي في صناعة القرار السياسي الخارجي)، بيّن خلالها أهمية هذه المراكز، والدور الذي تؤديه في عملية صناعة القرار على المستوى الخارجي من جهة، وعلى المستوى الداخلي أو المحلي من جهة أخرى، وتطرّق إلى مراحل ظهور هذه المراكز، وأهم المراكز العالمية، فضلاً عن الرُتَب العالمية لتسلسل تلك المراكز بحسب أعدادها موزعةً على الدول.

وأشار أيمن إلى أن خصوصية صنّاع القرار ودوره يشكلان عاملاً مؤثراً في العلاقات الدولية، ومن دون شكّ أن رجال الدولة -قبل كل شيء- هم أصحاب القرار؛ وبالنتيجة هم لاعبون في المسرح الدولي، ولكنّهم يعملون لمصلحة الدولة وباسمها، بمعنى أنّ موضوع تأثير مراكز الفكر والرأي على عملية صنع القرار السياسي الخارجي هو موضوع مهم على المستوى الدولي أو المحلي؛ وجاء ذلك نتيجة تطور العلاقات الدولية والسياسة الخارجية للدول، فضلاً عن ظهور مؤسسات وفاعلين دوليين جدد في المسرح الدولي من غير الدول تتمثل في المنظمات الدولية، والشركات المتعددة الجنسية، وغيرها، وتأثيرها في السياسة الخارجية.

وبيّن أيضاً أنَّ مراكز الفكر والرأي تُسهم بنحوٍ مباشر أو غير مباشر في رفد صانع القرار السياسي الخارجي بأهمّ المعلومات والدراسات والأبحاث التي تختصُّ بقضية ما، من خلال الأبحاث التي تقدمها. وتعمل هذه المراكز على إعداد دراسات خاصّة بمجالات مختلفة: سياسية، واقتصادية، وثقافية، وعسكرية، وتكنولوجية وغيرها من الدراسات، التي من شأنها أن تولّد بديلاً مناسباً لصاحب القرار.

وفي ختام حديثة أشار السيد أيمن عبد الكريم إلى أنّ من الصعوبة بمكان الإلمامَ بكلّ ما من شأنه أن يؤثّر على صانع القرار السياسي الخارجي، بمعنى أنّه لا يمكن جزم أو حصر عوامل أو متغيّرات محددة يمكن من خلالها القول إنها المؤثر الوحيد على صانع القرار في عملية اتخاذ القرار السياسي الخارجي، إلّا أنّ واحدة من هذه العوامل أو المتغيّرات هي مراكز الفكر والرأي، فضلاً عن أنّ هذه المراكز ستكون لها مكانة بارزة في عملية صنع القرار السياسي الخارجي ولاسيما مع التغييرات الدولية وعلاقاتها؛ لما لها من دورٍ مهمٍ في إعداد المعلومات والأوضاع الدولية المستقبلية وجمعها وتحليلها، وكلُّ ذلك يعتمد على طبيعة النظام السياسي داخل الدولة.

وقد مثّل مركزَ دراسات البصرة والخليج العربي الأستاذُ الدكتور هيثم عبد الله من خلال ورقة بحثية ألقاها حملت عنوان: (دور المراكز البحثية في صنع القرار الاقتصادي) وقد عرض عبد الله دور هذه المراكز في جمع الإحصاءات، والمعلومات، وتحليلها؛ لغرض بلورة الحلول للمشكلات الاقتصادية، وإعطاء أفضل البدائل المطروحة لمعالجة قضية ما.

وقد ألقى الأستاذ حازم حميد جبر في قسم الدراسات السياسية الاستراتيجية ورقة بعنوان: (توظيف اللوبي اليهودي الأمريكي للمراكز البحثية في دعم الكيان الصهيوني)، وبيّن التأثير المباشر لهذا اللوبي على صنّاع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية، وتأثيره المباشر في الكونغرس على القرارات السياسية والاقتصادية والأمنية، فضلاً عن مراحل صياغة القرار، وتأثير المراكز البحثية فيه.