إن الولايات المتحدة تخسر الحرب على الإرهاب، على خلاف الاعتقاد السائد لدى الكثير من الأمريكيين الذين يرونها تنتصر، إذ إن حقيقة عدم وقوع أي هجوم على التراب الأمريكي على غرار هجمات11أيلول قد خلق شعوراً زائفاً بالأمن، وقيام هجمات أورلاندو وسان بيرناردينو بوصفها هجمات “الذئب المنفرد” عزز من الرواية غير الدقيقة بأن القاعدة والدولة الإسلامية للعراق والشام (داعش) هي بطريقة أو بأخرى “في حالة هروب” .

وعلى وفق مسؤولين أمريكيين كبار، فإن هذه الجماعات كانت لمدة سبع سنوات على الأقل “في حالة هروب”، وهي “حقيقة” تثبت زيف الإدعاءات الأمريكية بالنصر؛ وما يزيد الوهم بالنصر هو الانتصارات التكتيكية التي حققتها الولايات المتحدة في ساحات القتال لكل من العراق وسوريا وليبيا، ولكن إذا كان ينبغي أن نتعلم شيئاً من 16 عاماً من الحرب، فهو إننا لا نستطيع النأي بأنفسنا والخروج من هذه المشكلة.
وللبدء في الطريق المؤدي للنصر يتعين على الأميركيين إعادة النظر بتعريف العدو؛ لأن الحركة العالمية للسلفية-الجهادية هي التي ​​تشن الحرب ليس جماعات، وليس أيديولوجية، إلاَّ أن هذه الحركة هي مجموعة من الأفراد انضمت إليهم الأيديولوجية السلفية-الجهادية، والجماعات المنظوية لها،  فهذه الخبرات المشتركة تجسدت في قوة متماسكة تتجاوز الفرد أو الجماعة، وما تنظيم القاعدة إلا مظهر واحد من مظاهر هذه الأيديولوجية والحركة التي يعود ظهورها إلى عقود خلت، لأن الحركة السلفية-الجهادية العالمية كانت وما تزال أكثر من مجرد تنظيم القاعدة أو داعش، فهي تضم أفراداً من جميع أنحاء العالم، يؤمن الكثير منهم بالسعي إلى تدمير المجتمعات الإسلامية الحالية وإحلال محلها مجتمع إسلامي حقيقي من خلال استخدام القوة المسلحة؛ ومن هنا فإن أمريكا والغرب لا يمتلكان فرصة للنصر مالم يدركا أن هذه الحركة هي خصمهم الحقيقي.
  لذلك فالحاجة ملحة لأن تنظيم القاعدة، والدولة الإسلامية، والحركة السلفية-الجهادية العالمية مجتمعين هم اليوم أقوى مما كانوا عليه في أي وقت مضى؛ إذ تنشط الجماعات السلفیة-الجهادية في ست دول مضطربة على الأقل هي: (العراق، وسوریا، والیمن، والصومال، ولیبیا، ومالي) وفي أربع دول ضعيفة هي: (أفغانستان، ومصر، وتونس، ونيجيريا). فهذه الجماعات إما تتولى الحكم بالوكالة وإما تسيطر على الأقاليم في نصف هذه الدول على الأقل، ويسعى كل من داعش وتنظيم القاعدة إلى بناء قدرات هجومية قاتلة، من أجل إستهداف الغرب، وقد أثبت ذلك الهجوم الإرهابي في مانشستر؛ لذلك فان أوروبا والولايات المتحدة يواجهان مستوى غير مسبوق من الهجمات الإرهابية التي تسيرها تلك الجماعات أو تلهمها، فهذه الحالة ليست نجاحاً ،أو طريقاً مسدوداً، أو فوزاً بطيئاً، بل لا تزال أنها أقل من أن تجسد عدواً في «حالة هروب»؛ لذلك هي حالة فشل.

لقراءة المزيد اضغط هنا