في إطار تحقيق مركز البيان للدراسات والتخطيط لمهمته في أن يكون مصدراً مهماً في تحليل القضايا العراقية على نحو مستقل، ولأن يكون منتدى للحوار المبني على الحقائق حول التغيُّرات التي تحدث في العراق والمنطقة، ولاسيما التي تتناول مجمل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، عقد المركز مؤتمره السنوي الأول الموسوم بـ”التخطيط لرسم سياسات اقتصادية ومالية جديدة في العراق” وذلك يوم السبت الموافق 16/9/2017 في بغداد.

وقد انتظم برنامج المؤتمر في ثلاث جلسات وستة بحوث، افتتح المؤتمر السيد سجاد نشمي المدير التنفيذي للمركز بكلمة بيّن خلالها أهمية هذا المؤتمر انطلاقاً مما يَعيشُه الواقع الاقتصادي والاستثماري في العراق من تحدياتٍ حقيقةٍ -وقد تكونُ مصيرية في بعض الجوانب-؛ فمن هنا تقرر إقامةُ مؤتمرٍ علمي يسعى إلى معالجةِ المشكلاتِ الاقتصاديةِ عَبرَ أبحاثٍ رصينةٍ مُقدمة من أساتذةَ كفوئينَ لتناولِ مجملِ تلكَ المشكلات، وإبداءِ الحلولِ لها.

وأشار السيد سجاد نشمي إلى ضرورة تبني مثل هذه المؤتمرات التي تسهم -ولو بالنحو اليسير- إلى تشخيص المشكلات التي يعاني منها الجانب الاقتصادي في العراق، وإبداء الحلول المناسبة لها عبر أبحاث علمية رصينة تساعد في حل تلك المشكلات، ودعا خلال كلمته مؤسسات الدولة كافة، ومراكز الأبحاث والدراسات والمؤسسات الأكاديمية، والمراكزِ العلميةِ ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية إلى أن المركز على استعداد لبذل المزيد من الجهود عبر الإمكانيات المتاحة للعملِ والمساهمةِ في إعدادِ الدراساتِ والأبحاثِ والنشاطات التي من شأنها أن تُسهمَ أو تُقدم الحلول في المجالات التي يهتمُ بها هو والمراكز الأخرى إلى صنّاعِ القرار في العراق.

وقد شهد المؤتمر مشاركة الدكتور مهدي العلاق الأمين العام لمجلس الوزراء بورقة حملت عنوان “هل أدت سياسة ترشيد الإنفاق الحكومي إلى إعاقة مهام إعادة الإعمار في المناطق المحرر؟” إذ أشار الدكتور إلى وضع خطة لإعادة استقرار المناطق المحررة بالتنسيق مع الوزارات والجهات الحكومية الأخرى، فضلاً عن إعادة تشغيل المشاريع التي تمسُّ حياة الناس بنحوٍ مباشر، وشدد على ضرورة وضع خطط اقتصادية ومالية تتواءم مع المرحلة التي يمر بها العراق في حربه ضد الإرهاب، مبيناً أن الدولة متوجهة إلى رسم سياسة اقتصادية جديدة من خلال إقرار الإطار العام لخطة الإعمار في العراق، وتبني خطط تنموية خمسية حتى عام 2030 تضع القطاع الخاص قطب الرحى في عجلة التنمية، فضلاً عن تبني أهداف التنمية المستدامة 2030-2015، وكذلك استراتيجية التخفيف من الفقر 2020-2018 عبر صندوق التنمية الاجتماعي.

وجرى خلال المؤتمر عقد ثلاث جلسات، تضمنت الجلسة الأولى التي ترأسها الدكتور إحسان الياسري مدير عام دائرة المحاسبة في البنك المركزي بحثين الأول قدمه الدكتور كريم سالم حسين بعنوان “إشكالية التنويع الاقتصادي في العراق”، والآخر قدمه الدكتور خطاب عمران صالح وهو بعنوان “الآثار الاقتصادية لاعتماد العراق على إيرادات تصدير النفط الخام وسبل مواجهتها للمدة 2009/2015”.

أما الجلسة الثانية فقد ترأسها الأستاذ فيصل الهيمص مدير عام المصرف العراقي للتجارة، وشملت بحثين كذلك، كان البحث الأول للدكتور أيسر ياسين فهد الموسوم بـ”تقديم الصناديق السيادية في دول مختارة واختيار الأنموذج الأمثل للتطبيق على الاقتصاد العراقي”، وكان البحث الثاني بعنوان “أثر الاستثمار الأجنبي المباشر والتجارة الدولية على الاقتصاد العراقي” وقد قدمته الأستاذة هند سلمان الياس.

أما الجلسة الثالثة والأخيرة فقد ترأسها الأستاذ الدكتور عبد الجبار أحمد عميد كلية العلوم السياسية بجامعة بغداد، قدم فيها الدكتور خيري إبراهيم مراد بحثه الذي بعنوان “دور الضرائب المحلية في تمويل موازنات الحكومات المحلية على وفق القانون العراقي”، لتختتم الجلسة بالبحث الثاني الذي قدمته الدكتورة ندى سلمان حبيب الذي حمل عنوان “تفعيل دور المصارف الأهلية في دعم التمويل الزراعي”.

وقد تخللت الجلسات الثلاث نقاشات علمية موضوعية هادفة، وتوجيه الأسئلة والاستفسارات للأساتذة المحاضرين. واختتم المؤتمر بكلمة لمركز البيان للدراسات والتخطيط تمت الإشارة من خلالها إلى أن المركز بصدد إعداد تقرير المؤتمر الذي يتضمن أبحاثاً إضافيةً، إلى جانب الأبحاث التي عُرضت في المؤتمر، ومن ثم نشرُ هذا التقرير كمطبوعٍ يُسهمُ في الجانب الاقتصادي الذي من خلاله ستكونُ هناكَ سلسلة من الندوات وورش العمل التي ستتناول بنحوٍ مفصّل لكل الموضوعات المذكورة في هذا التقرير.

والجدير بالذكر أن هذا المؤتمر السنوي الأول هو باكورة لمزيد من المؤتمرات التي سوف يعقدها المركز والتي تدخل ضمن اهتماماته وأهدافه.