ريتشارد سبنسر، مراسل الشرق الأوسط لصحيفة التايمز البريطانية.

يشكل الأطفال الأويغور عدداً كبيراً مما يسمى بأشبال الخلافة، إذ يتدرب الأطفال حتى يصبحوا محاربين.

يقول محللون إن منطقة آسيا الوسطى المليئة بالجبال والصحاري وحقول القطن تعد أحد أكبر المصادر الناشئة من الجهاديين، وأحد الأهداف الجديدة الأكثر إثارة للقلق. وتشير تقارير تركية إلى أن الرجل الذي عُرف باسم قاتل إسطنبول هو أويغوري -أقوام أتراك يعيشون في جمهورية الصين الشعبية- من إقليم شينجيانغ الصيني، وكان قد طار إلى تركيا من دولة قيرغيزستان.

حينما نشر تنظيم داعش تصويراً دعائياً عام 2015 عن أقدم محارب في التنظيم -وهو رجل أبيض اللحية يبلغ من العمر 80 عاماً ويسمي نفسه محمد أمين- كان يُنظَر إلى الفديو على أنه مجرد تسلية وفضول، أما الواقع فكان مختلفاً، فقد مثلت ظروفه تحذيراً لما هو قادم، وقال محمد أمين إنه ضاق ذرعاً من عقود القمع الذي تمارسه السلطات الصينية، وتبع ابنه -الذي قُتل مع داعش في سوريا-، وعلى خطى قاتل إسطنبول المزعوم جلب الرجل المسن السابق زوجته وابنته وأربعة أحفاد معه.

لم يوضح محمد أمين كيفية وصوله إلى سوريا، إلا أنه من المرجح يكون قد انتقل عبر الجبال وصولاً إلى العاصمة القرغيزية بيشكيك، التي تقلع منها رحلات يومية إلى إسطنبول، حيث يمكنه أن يجد شبكة مزدهرة من الخلايا الجهادية التي تهرب الناس إلى سوريا والعراق بانتظام.

في عام 2015، قدرت الحكومة الصينية أن 300 من مواطنيها يقاتلون في سوريا، وقد انضم أغلبهم إلى مجموعة فرعية يهيمن عليها الأويغوريون، ويطلق عليها اسم حزب تركستان الإسلامي، الذي يمتلك الأن المئات إن لم يكن الآلاف من الأعضاء، ويقاتلون في تنسيق وثيق مع جبهة فتح الشام، التي كانت منحازة في السابق نحو تنظيم القاعدة، وقد أظهرت أوراق مسربة لداعش السنة الماضية أن عدداً قليلاً -114 على الأقل- قد التحق بالتنظيم. إن كثيراً من المقاتلين الملتحقين بداعش قاموا بما فعله محمد أمين، ألا وهو جلب أطفالهم معهم، وهذا قد يمثل علامة على عدم توقع أنهم سيكونون قادرين على العودة إلى بلدانهم.

يتم تدريب أطفال المقاتلين الأويغوريين جنباً إلى جنب مع آخرين من آسيا الوسطى من دول مثل كازاخستان وقيرغيزستان ليصبحوا مقاتلين تحت ما يسمى بأشبال الخلافة، ويظهر الأطفال الكازاخستانيون كجلادين، ويتم تصوير أولاد لا تتجاوز أعمارهم العشر سنوات وهم يقومون بإطلاق النار على “جواسيس” في مؤخرة الرأس.

وإجمالا، يُعتَقَدُ أن 2000 وربما ما يصل إلى 4000 شخص من آسيا الوسطى -كازاخستانيون، وقيرغيزستانيون، وأوزباك، وطاجيكستانيون، وتركمان، وأويغوريون- قد انضم إلى تنظيم داعش.

يقول تشارلي وينتر -الذي يراقب الدعاية الجهادية في كينجز كوليدج في لندن- إن المقاتلين من آسيا الوسطى يمتلكون سمعة باعتبارهم قوة النخبة داخل التنظيم، وكثيراً ما يتم استخدامهم لتنفيذ العمليات الانتحارية. وتابع: “أعتقد أن السكان في آسيا الوسطى [من المقاتلين] سيخلقون حيزاً خاصاً بهم في السنوات القليلة المقبلة”.

حينما أجبرت خمس جمهوريات جنوب الاتحاد السوفيتي بالاستقلال عام 1991، تراوحت التوقعات لمستقبلهم من نشوب عنف عرقي واسع النطاق إلى امتلاك الآمل بأن قرغيزستان -بلد الجبال والوديان المغطاة بالثلوج- ستصبح سويسرا في آسيا. لكن لم يحدث لا هذا ولا ذاك، ومع وجود قادة دكتاتوريين وسعي روسيا للهيمنة، أثبت الإسلام أنه مسار ثالث، وقد ساعد في ذلك القرب من أفغانستان.

يقول كبير المستشارين في جولف ستايت أنالسيز والمتابع للعلاقات بين الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تيودور كاراسيك: “أعتقد أن هناك استراتيجية كبرى من قبل الدولة الإسلامية للتوسع في آسيا الوسطى، وكانت مقاطعة شينجيانغ الهدف المقبل الأكثر وضوحاً”، وتابع: “أعتقد أن جزءاً من استراتيجية التنظيم تكمن في زعزعة استقرار تركيا بما فيه الكفاية، مع خلال هذه الهجمات للفت انتباه مجتمعاتهم البقية للتنظيم، ويعد هذا ممارسة للتجنيد”.


المصدر:

http://www.thetimes.co.uk/edition/world/a-wake-up-call-to-the-world-from-central-asias-jihadists-vbv63x9js