تقرير: صحيفة الإيكونيميست قسم الشرق الأوسط وافريقيا.

ادعى الملك الأردني عبد الله بن الحسين في أثناء الحديث عن الانتخابات الأردنية من على منصة الأمم المتحدة في نيويورك يوم 20 أيلول أن الانتخابات تمثل “انتصاراً حقيقياً للتقدم على الانحدار”، وهو نفس اليوم الذي أجريت فيه الانتخابات في المملكة، إلاّ أن العديد من الأردنيين يعارضون هذا الكلام، على الرغم من الحملة الإعلامية الشعواء ومشاركة الإخوان المسلمين لأول مرة منذ تسع سنوات، تراجع الإقبال على صناديق الاقتراع، إذ بلغ 37٪ بعد أن كان حوالي 56٪ في الانتخابات الماضية، وفي أجزاء من عمان العاصمة بالكاد قام واحد من كل خمسة من الذين يحق لهم التصويت بالإدلاء بأصواتهم.

إن انخفاض نسبة الإقبال هو علامة على أن العديد من الناس يعدون الانتخابات مضيعة للوقت، إذ قام الملك بإعادة تعيين مجلس الوزراء غير المنتخب نفسه فقط مع إجراء بعض التعديلات الطفيفة، ومنذ ذلك الحين شرع في التقدم من خلال إصدار مجموعة من المراسيم الملكية غير الشعبية مثل: شراء الغاز من إسرائيل، وإعادة النظر في المناهج الدراسية من طريق إزالة الآيات القرآنية المثيرة للجدل.

أدت الأردن دور الموالي للغرب منذ تأسيسها من قبل بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى، وعملت كمنطقة عازلة لحفظ جيرانها في الخليج، ولكن مع تحولها من صحراء فارغة يتجول فيها البدو إلى دولة عربية كثيفة السكان، بدأت المملكة تظهر بوادر التخبط اقتصادياً وسياسياً، مما يجعلها تكافح لتحقيق الانتقال، ويقول النقاد: “إن التقدم الأردني الشجاع” يظهر أن هناك اكتساباً لبعض سمات الأنظمة الاستبدادية التي تحيط بالممكلة من كل الاتجاهات.

في غياب المعارضة ذات المصداقية بدأ الأردنيون البحث عن طرق أخرى لإيصال أصواتهم، ففي جميع أنحاء المملكة نزل المتظاهرون إلى الشوارع للتنديد بالإصلاح ولاسيما بصفقة الغاز والتعليم، وعلى الرغم من الانتشار الكبير للشرطة إلا أن هناك أعمال شغب اندلعت في القويسمة أحد ضواحي عمان في التاسع من تشرين الأول، وبعد سلسلة من مداهمات للشرطة في المنطقة، ومع اعتبار جماعة الإخوان المسلمين -الحركة الإسلامية الموالية تاريخياً للملكية الأردنية- هناك دلائل تشير إلى أن المتضررين قد يلجأون إلى وسائل أكثر تطرفاً، فقد رصدت الكاميرات أن أعلام الدولة الإسلامية (داعش) ترفرف في السلط، وهي بلدة تجارية قديمة غرب عمان.

إن الهدوء في المملكة مهدد بطرق أخرى أيضاً، فالجريمة إزدادت، إذ إنه في نهاية أيلول تم إطلاق النار على الصحفي المعروف ناهد حتر على بعد خطوات من قاعة المحكمة في عمان قبل جلسة استماع بتهمة إهانة الذات الإلهية، وكان القاتل مسؤولاً في وزارة التعليم. أما في المناطق الريفية فينظر إلى الانتخابات كوسيلة لإظهار قوة القبيلة، أما الخاسرين قاموا بقطع الطرق واشتبكوا مع الشرطة، وتقول إحدى المرشحات هند الفايز التي اتهمت وزير الداخلية بالفساد ولم يعاد انتخابها: “لقد سرقت صناديق الإقتراع، لقد تم أخذها من قبل بلطجية يرتدون أقنعة أمام أعين قوات الأمن”.

لقد لجأت السيدة فايز إلى المحكمة بحجة أن الانتخابات لم تكن نزيهة، ولكن حتى لو تم عكس النتيجة، فإنها بيّنت رفضها أخذ المقعد، وتابعت بالقول: “إن التحركات في الشوارع أكثر قوة من البرلمان”.

 لقد أقدم سياسيون محبطون آخرون أيضاً على تحدي النظام، إذ قام برلماني سابق من مدينة الطفيلة جنوب الأردن بتشكيل حزب جديد يدعو إلى ملكية دستورية حقيقية، وأطلق وزير الخارجية السابق مروان المعشر حملة لحماية حقوق المواطنين. لا يبدي شركاء الأردن الغربيون الاهتمام بالاضطرابات، إذ يقول دبلوماسي: إن هذه “مشكلة صغيرة”، ولكن بعضهم الآخر يتساءل عما إذا كانت البلاد تشهد اضطراباً بعد أربع سنوات من الاضطرابات التي اجتاحت الربيع العربي.

وقد رافقت الصعوبات السياسية صعوبات اقتصادية أيضاً، إذ تراجع النمو إلى أقل من 2٪، وقفز الدين العام إلى 93٪ من الناتج المحلي الإجمالي منذ الربيع العربي، وستضرب موجة جديدة من زيادة الضرائب والأسعار الضروريات مثل الماء والخبز في المستقبل القريب وذلك كجزء من اتفاق الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، أدّى التدفق الهائل للاجئين من سوريا إلى تزايد الصراع على الوظائف والموارد، إذ إن المشكلة الاقتصادية التي تعاني منها دول الخليج الغنية -ولاسيما المملكة العربية السعودية- تشير إلى أن الأسوأ قد يحدث، إذ انخفضت المساعدات للسياحة والاستثمار والتحويلات -قيمتها الأخيرة وحدها تقدر بـ14٪ من الناتج المحلي الإجمالي- انخفاضاً حاداً، ويقول وزير الاقتصاد السابق سامر الطويل: “يقوم الاقتصاد على المساعدات الخارجية، لا يمكننا أن نزدهر بدونها”.

أثرت سنوات من ارتفاع الأسعار وخفض الدعم بنحوٍ سيّئ على الطبقة الوسطى في المملكة، إذ إن الرواتب في عمان التي تعدُّ إحدى أغلى العواصم في العالم العربي، التي يعيش فيها ما يقرب من نصف الشعب حوالي 9 ملايين شخص، من بين الأدنى في الدول العربية، فضلاً عما شهدته زيادة الأجور في خدمات التعليم والصحة الذي أثار بدوره مزيداً من الاستياء الشعبي.

إن شبح الضغط الذي يحوم حول المملكة الأردنية قد يربك إيصال النقود إليها، ولكن بالنسبة للغربيين لا تزال المملكة محافظة، إذ يعمل عدد قليل من النساء -أقل من المملكة العربية السعودية.

قد يكون قاتل السيد علي حتر ذئباً وحيداً، لكن وسائل الإعلام الاجتماعية قدمت الدعم له، يقوم الآلاف من الأردنيين بالجهاد في الخارج، وربما يأتي اليوم الذي يجاهدون فيه في بلادهم، لقد شعر الأردنيون أن العاصفة الإقليمية قد مرت، أما الآن فهم قلقون مرة أخرى على مدى قوة حدودهم، ومدى دعم الجهاديين الذي من المتوقع أن يحدث.


ملاحظة :
هذه الترجمة طبقاً للمقال الأصلي الموجود في المصدر ادناه ، والمركز غير مسؤول عن المحتوى ، بما فيها المسميات والمصطلحات المذكوره في المتن .

 

المصدر:

http://www.economist.com/news/middle-east-and-africa/21709014-discontent-growing-king-abdullahs-increasingly-autocratic-rule-uneasy