إنَّ الدعم التركي للجهاديين ليس مجرد تكتيك يهدف لتنحية بشار الأسد من السلطة، بل يستند إلى قرار استراتيجي يتبناه جانب من السلطات التركية للتأثير بشؤون الشرق الأوسط من خلال الفواعل من غير الدولة؛ كما فعلت إيران ذلك ردحاً من الزمن، فدعم تركيا للجهاديين في العبور إلى سوريا وتأسيسها روابط وثيقة مع حماس والإخوان المسلمين هو الوجه الآخر المتصل بتلك الاستراتيجية.

سمحت السلطات التركية للمتعاطفين مع القاعدة باستخدام وسائل الإعلام التركية للترويج لمعتقداتهم. وقد تبنت السلطات لغة سياسية جديدة تغذي المشاعر المعادية لأمريكا والغرب، والمدعون الذين حاولوا منع شحنات الأسلحة من الوصول إلى الجماعات المنضوية إلى القاعدة في سوريا قد تم طردهم وفي بعض الحالات تم سجنهم، وفي الحقيقة من خلال ترهيب الادعاء لعام والشرطة الوطنية التركية TNP لم تتم أي علمية لمكافحة الإرهاب لكبح شبكات القاعدة أو الأنشطة المتصلة بتجنيد مقاتلين جدد، ومنظمة الاستخبارات الوطنية التركية (TNIO)  أُعطيت المسؤولية الكاملة للتعامل مع الأنشطة الجهادية من دون أية رقابة فعالة وإحجام الشرطة عن المجازفة والدخول في شؤونهم، وكما أوضح أحد أعضاء حلف الناتو فإن السياسات الجهادية التركية تشكل تأثيراً مباشراً غير مباشر على الأمن الأوروبي، وتتناول هذه المقالة السياسات الجهادية التركية من خلال دراسة تصريحات المسؤولين والتقارير الإعلامية والمقابلات والعمل الميداني.

لقد كانت تركيا شريكاً أمنياً واستراتيجياً للغرب منذ الخمسينيات من القرن المنصرم، فهي تقع على الجانب الجنوبي من حلف الناتو وبحدودها المشتركة مع الاتحاد السوفيتي، وقد ساهمت تركيا بقواعد عسكرية ومنشآت وبجيش كبير ومدرب تدريباً جيداً في القدرات الدفاعية الغربية خلال الحرب الباردة[1] . ومنذ انهيار الاتحاد السوفيتي، تغيّر الاهتمام الاستراتيجي التركي، إذ أصبحت تركيا قاعدة إقليمية تستخدمها الولايات المتحدة للتدخل في الأزمات الداخلية في المنطقة، مثل: العراق، والبلقان، وكما أوضح مارك غروسمان، -سفير الولايات المتحدة في تركيا في تلك الحقبة- “تركيا تعيش إلى جوار منطقة فيها التحدي بـ 360  درجة” فهي أصبحت دولة مواجهة بالنسبة لأوروبا والولايات المتحدة [2] .

وقد افترضت وزارة الخارجية التركية أن تركيا المستقرة ستكون لاعباً مؤثراً في سياسات الشرق الأوسط وستكون قادرة على أداء دور مهم في مستقبل العلاقات الأوروبية مع الشرق الأوسط، وخلال حقبة ما بعد الحرب الباردة عملت كلٌ من النخب السياسية التركية والغربية بالحفاظ على تركيا ” كجزيرة من الاستقرار وسط منطقة مضطربة، وكحاجز ضد تفشي  الحروب المحلية وانتشارها وكمروج للتعاون الإقليمي[3]“.

لقراءة المزيد اضغط هنا