بعد صدور كتابه من قبل مركز البيان للدراسات والتخطيط، قدم المعمار الاستشاري نعمان منى ندوة عن الاسسس العملية والعلمية لادارة المشاريع والعمل الهندسي يوم الخميس المصادف 5 ايار 2016 على قاعة السلام في جامعة النهرين ببغداد.

وبحضور مميز من قبل الاساتذة في جامعة النهرين وطلبتها وجمهور هندسي من خارج الجامعة، تطرق نعمان منى الى بعض المواضيع الرئيسة التي اشتملتها الدراسة في الكتاب، مستعينا بوسائل الايضاح لتقريب الافكار المطروحة، وفي الكثير من جوانبها، بالمقارنة مع العمل المهني المشابه في بعض دول العالم. وقد ادار الندوة الدكتور جاسم الدباغ، عميد كلية الهندسة في جامعة النهرين.

كان هدف الندوة هو تقديم تقييم عام للبيئة العمرانية في العراق والبحث عن اساليب افضل للعمل المهني والاستفادة من الخبرة العالمية فضلاً عن خلق ثقافة عمل مهني جديدة. وتطرق نعمان منى الى مفهوم المهنة، اضافة الى تشابك متطلبات العمل المهني العمراني وتعدد الاختصاصات الفنية وتطور كبير في تكنولوجيا المواد ومتطلبات البيئة والتخطيط وتعدد اساليب التعاقد والتنفيذ.

قسمت المداخلة الى محورين مترابطين، الاول يتعلق ببيئة العمل المعماري الهندسي في العراق والمتمثل بالعشوائية وانعدام التخطيط وتخلف الإدارة والتجاوزات والتدهور العمراني وخسارة التراث العراقي، ومن الطبيعي ان يكون لهذا التدهور اسبابه التي يمكن اختصارها بالحروب الداخلية والخارجية من جهة والحصار الاقتصادي والدبلوماسي والعلمي من جهة أخرى، وكانت نتائج هذه الاوضاع ان تبرز بيئة متمثلة بالصراعات وتحطم جانب كبير من ماكنة السلطة وانتشار الفساد الاداري ونزيف فكري ومهني. لذلك اصبح من الضروري تكوين “بيئة عمل مهني” و”ثقافة عمل مهني” جديدتين من اجل الارتقاء بالعمل العمراني. والمقصود بثقافة العمل المهني هو الرابطة المهنية بين اصحاب المهنة انفسهم ومعالجة مهام ومتطلبات مهنتهم جماعياً.

ثم تطرقت الندوة، ضمن المحور الاول، الى القوانين والتعليمات المؤثرة في البيئة المهنية منها قانون نقابة المهندسين، وقد وجه النقد الى هذا القانون كونه اصدار فوقي يشمل كل جوانب عمل النقابة ولايترك لاعضائها اية صلاحيات حقيقة لتحديد مسيرة نقابتهم ومهنتهم. وفعلا جاء النظام الداخلي تقريبا مطابقا للقانون. اضافة الى ذلك فالقانون يحدد الوجهة السياسية للنقابة من منطلق سلطة البعث قبل 2003. كما ان هنالك خلل وتضارب في بعض هذه القوانين التي تحتاج الى إعادة نظر وتدقيق من قبل اصحاب المهنة والمؤسسات ذات العلاقة. وقد صححت بعض المعلومات حول ممارسة المهنة اثناء النقاش الا ان القوانين والتعليمات مازالت لاتتناسب مع المتطلبات الضرورية لتطوير العمل المعماري والهندسي. ومثال على ذلك اعطاء الحق للنقابة ولمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي بتأسيس مكاتبها الاستشارية بالتنافس مع باقي اصحاب المهنة.

ان نقابة المهندسين العراقيين، التي تأسست عام 1959، هي الجهة الاساسية التي  تنظم العمل الهندسي. وعملها المحدد في قانون النقابة ونظامها الداخلي هو خليط بين نشاط مؤسسة علمية ونقابة مهنية. ويبقى، في كثير من جوانبه، لايتطابق مع احتياجات المرحلة الحالية، كصلاحيات المهندسين او متطلبات تأسيس المكاتب الاستشارية اضافة الى ضعف الدعم المهني كما نلاحظه في عمل المؤسسات المهنية في الدول الصناعية. والضعف الاخر الذي تعاني منه النقابة هو انعدام الرقابة على العمل الهندسي. فالمخالفات للسلوك المهني، المحدد بشكل تفصيلي في النظام الداخلي، لاتحصى منها مثلا “الاعلان عن نفسه او مكتبه” او شروط “اكمال عمل سبق ان باشر به مهندس اخر”.

ان الوسط المعماري والهندسي في العراق ومؤسساته والجهات المتأثرة بعمله بامس الحاجة الى اعادة تقييم وتقويم في بيئة النشاط الهندسي بشكل جماعي وعلى مراحل مدروسة ومحددة. وهذا يحتاج قبل كل شيء الى ارادة مشتركة من جميع هذه الجهات لمعالجة متطلبات المهنة من أجل الارتقاء بالجوانب التنظيمية والقانونية والمهنية الى المستوى المتعارف عليه عالميا.

ان العمل الهندسي، بطبيعته، هو خليط بين الامكانيات المهنية والمعرفة الإدارية، فإدارة العمل الهندسي والامكانيات في إدارة المشاريع تُكتسب من الدراسة الاكاديمية والتدريب والخبرة العملية. وكان هذا هو المحور الثاني للندوة.

والملاحظ ان مفهوم الادارة والتطبيق العملي لاساليب الادارة ضعيف جدا في العراق وعلى كل المستويات، ان لم يكن معدوماً في بعض جوانبه، وينطبق هذا الحديث بالخصوص على ادارة المشاريع العمرانية. هنالك على الاقل تسعة متطلبات يجب الالمام بها من قبل ادارة المشاريع لضمان نجاح المشروع، وهي:

  • إدارة تكامل المشروع
  • إدارة متطلبات المشروع
  • إدارة البرنامج الزمني
  • إدارة كلفة المشروع
  • إدارة جودة المشروع
  • إدارة الموارد البشرية
  • إدارة التواصل
  • إدارة المخاطر
  • إدارة المشتريات