خافيير بلاس ، وائل المهدي

بعد الاستيلاء على الدفاع والتخطيط الاقتصادي، قام ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بفرض سلطته على السياسة النفطية.

من خلال القيام بذلك، قام ابن الملك سلمان البالغ من العمر 30 عاماً بتغيير النهج الذي اعتمدته السعودية لعقود طويلة من فصل التجارة من الاعتبارات السياسية، فأثناء عطلة نهاية الأسبوع، ألغى المسؤولون السعوديون الاتفاق بين منتجي النفط الرئيسيين في الدوحة لتجميد الإنتاج بسبب رفض إيران المشاركة، وهذا علامة على أن التنافس الإقليمي اصاب السوق النفطي ايضاً. وقال ياسر الجندي، المحلل النفطي في ميدلي للاستشارات العالمية، ومستشار ينصح صناديق التحوط الكبيرة ” كل شيء في الدوحة كان سياسياً”.

التغيير يعني أن كل شخص سيكون عرضة لأسعار الطاقة، من شركات النفط الكبرى مثل اكسون موبيل، للتجار مثل مجموعة فيتول في بي، وسيكون على هؤلاء الإصغاء إلى السياسة المبهمة للشرق الأوسط وآل سعود، مع توجه المملكة العربية السعودية وإيران الى واحدة من أسوأ الأزمات الدبلوماسية بينهما منذ قيام الثورة الاسلامية في عام 1979 التي اوصلت الثيوقراطيين الشيعية الى الحكم في طهران، واخذ كلا البلدين لطرفي نقيض في الحروب الأهلية في سوريا واليمن، يجب على سوق النفط ان يستعد لركوب موجة كبيرة وخطيرة. وقال جيسون بوردوف، مدير مركز سياسة الطاقة العالمية في جامعة كولومبيا في نيويورك ومسؤول النفط السابق في البيت الأبيض “إن حقيقة قيام المملكة العربية السعودية بعرقلة الاتفاق يؤشر على مدى تأثر سياستها النفطية بالصراع الجيوسياسي المستمر مع إيران”.

الذرائع

كان علي النعيمي، وزير النفط السعودي، البراغماتي الذي فصل السياسة النفطية عن السياسة الخارجية على مدى العقدين الماضيين، مصراً على أن اعتبارات التسعير مثل العرض والطلب والمخزونات كانت هي المحرك الرئيسي لقراراته، وتم بناء استراتيجية التكنوقراطية على تجربة الحظر النفطي عام 1973 التي قادت الى نتائج عكسية إلى حد كبير كما أنها أدت إلى ضعف الطلب. بينما أبقى ال سعود السيطرة على السياسة النفطية دائماً، كان وزراء النفط من خارج العائلة المالكة من الشيخ يماني في الثمانينيات للنعيمي خلال العقدين الماضيين، وهذا متعها بمساحة كبيرة للمناورة.

تعاون النعيمي ورجله الثاني الأمير عبد العزيز بن سلمان، الاخ غير الشقيق لولي ولي العهد، مع ايران في الماضي على خفض الانتاج لدعم الاسعار، وكانت السياسة النفطية واحة مستقرة بعيدة عن السياسة المتشنجة في الشرق الأوسط.

قاد هذا النهج الى محادثات بين روسيا والمملكة العربية السعودية وفنزويلا وقطر للموافقة على تجميد إنتاج النفط في الأسابيع الأخيرة، وفي وقت متأخر من يوم السبت، أعد مسؤولون من الدول الأربعة مشروع قرار والمتوقع أن يختم عليه في وقت لاحق من قبل وزراء النفط في الدوحة، وقد شهدت الصفقة أول تعاون بين منظمة البلدان المصدرة للبترول وروسيا منذ 15 عاماً، وفتح هذا الباب أمام نهاية التخمة التي دفعت أسعار النفط الى الانهيار من 100 $ للبرميل الى ما يصل الى 26$ للبرميل.

 112121211

لم تسر الأمور وفقاً للخطة الموضوعة، فبدلاً من ذلك، أصر السعوديون صباح الأحد على إدراج إيران في أي اتفاق. وصرح وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك بعد انهيار المحادثات في الدوحة “قامت بعض بلدان اوبك بتغيير مواقفها قبل بدء الاجتماع في الصباح”. وقال وزير النفط الفنزويلي إيولوخيو ديلبينو أن ممثلي السعودية في جلسة الأمس لم يكن لديهم صلاحية التفاوض وان القمة وترت العلاقات داخل أوبك. وصرح للصحفيين خلال زيارة لموسكو “اننا ذاهبون في محاولة استعادة الثقة”.

في الواقع، كان الانعطاف واضحاً قبل أسابيع من الاجتماع، فقد صرح الأمير محمد بن سلمان، المعروف في الدوائر الدبلوماسية باسم “ميجا” وقوة صاعدة في السياسة الاقتصادية في المملكة، في مقابلتين مع وكالة انباء بلومبرج أن مشاركة إيران ضرورية لأي اتفاق.

كلمة أخيرة

لقد اخذ سوق النفط كلام الامير كتحذير خطابي للاستهلاك المحلي بدلاً من كونه تهديداً جدياً لمحادثات الدوحة، منذ أن بدأت الدول الأربع في عملية تجميد الإخراج، ارتفعت أسعار النفط لأكثر من 35 في المئة. قال مايكل ويتنر، محلل النفط لدى (سوسيتيه جنرال سا) في نيويورك والمسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية”: لقد تعلمنا شيء واحد في أسواق النفط فيما يتعلق بالسعوديين، علينا الآن الاستماع إلى محمد بن سلمان” واضاف “لقد كان واضحاً ان الكلمة النهائية للسياسة السعودية في هذه المفاوضات كانت له، وليس لعلي النعيمي”.

سيطر الأمير محمد على السلطة منذ صعود والده على العرش في العام الماضي، وأصبح وزيرا للدفاع وبعد وقت قصير أطلق حملة عسكرية في اليمن، كما ويترأس أعلى هيئة للتخطيط الاقتصادي والمجلس الذي لديه سلطة على شركة النفط العملاقة المملوكة للدولة في المملكة.

الحصة السوقية

على الرغم من أن مسؤولو النفط ومراقبو أوبك يجمعون تقريباً على تسييس السياسة النفطية السعودية، إلا ان هناك احتمالية وجود أسباب أخرى وراء موقف الأمير محمد تجاه إيران. اولاً، هو حماية حصة سوق النفط في المملكة العربية السعودية، التي يمكن أن تتآكل اذا جُمد الانتاج لان ايران زادت الصادرات بعد إزالة العقوبات في يناير كانون الثاني، والآخر هو تجنب زيادة حادة في أسعار النفط، وهذا يمكن ان يرمي طوق النجاة للموردين المتنافسين في الولايات المتحدة وأيضاً إبطاء جدول أعمال المملكة في الإصلاحات الداخلية. وصرح الأمير محمد لبلومبرج الاسبوع الماضي: “اننا لا نهتم بأسعار النفط سواء كانت 30 $ أو 70 $، لأنها نفس الشيء بالنسبة لنا، ولدينا برامجنا الخاصة التي لا تحتاج إلى ارتفاع أسعار النفط.”

الشرطي السيء

السؤال الذي يبقى دون إجابة هو: لماذا تفاوض مسؤولو النفط السعوديون لأسابيع على مشروع اتفاق الدوحة، وأعطوا الانطباع بأن الصفقة كانت ممكنه حتى من دون إيران؟

هناك سيناريو واحد هو أن الرياض حاولت استخدام اجتماع الدوحة لإجبار روسيا، حليفة ايران، للاختيار بين ارتفاع أسعار النفط او دعم طهران، وفي هذه الرسالة لعب النعيمي دور الشرطي الصالح والأمير محمد دور الشرطي الفاسد، وهناك نظرية أخرى هي أن الأمير محمد قد تدخل في اللحظة الأخيرة، مما اضطر فريقه بقيادة النعيمي إلى تغيير موقفة مع نفس الهدف، إيذاء إيران. قال أمريتا سين، كبير محللي النفط في الجوانب المحدودة للطاقة، ومستشار في لندن “في نهاية المطاف، أصبحت السياسة النفطية السعودية مسيسة للغاية”.


 خافيير بلاس، كبير مراسلي الطاقة في وكالة انباء بلومبرج.

وائل المهدي، صحفي نفطي ومؤلف كتاب أوبك في عالم النفط الصخري.


ملاحظة :
هذه الترجمة طبقاً للمقال الأصلي الموجود في المصدر ادناه ، والمركز غير مسؤول عن المحتوى ، بما فيها المسميات والمصطلحات المذكوره في المتن .

 

المصدر:

http://www.bloomberg.com/news/articles/2016-04-18/aiming-at-iran-saudi-arabia-mixes-oil-policy-with-politics