سام جونز، محرر في شؤون الأمن والدفاع، ويُعنى بشؤون الارهاب والدفاع العالمي والمخابرات

“إن فهم مدى تأثير داعش هو تشخيص خبير المتفجرات في الحركة الجهادية”

في الوقت الذي تتنافس فيه اجهزة الأمن الاوروبية لتكوين رؤية حول داعش المسؤولة عن تفجيرات بروكسل الثلاثاء الماضي، فإن السؤال الذي سيتصدر تحقيقاتهم : من هو صانع القنبلة؟

كان هناك إهتمام متمحور حول الاجهزة المتفجرة فيما يخص الحادث الارهابي، كما هو الحال في تفجيرات تشرين الثاني في باريس، ولكن في مجزرة بروكسل التي راح ضحيتها 31 شخصاً ومئات الجرحى، استخدم الارهابيون كمية مواد متفجرة أكبر بكثير من الذي كان متوقع أن يكونوا قد جمعوه. عندما وصل المحققون والشرطة الى مكان الحادث في مطار زافنتم ومحطة الميترو مالبيك في صباح الثلاثاء، أصبح واضحاً لديهم من الدمار الذي اصاب المكان بأن المفجرين فجروا اجهزة كانت محمولة بحقيبة يدوية او حقيبة ظهر- وبقوة تتجاوز قوة الاحزمة الناسفة التي أُستخدِمت في إعتداءات باريس.

إحدى كاميرات المراقبة في المطار أكدت تلك النظرية إذ انها رصدت ثلاث اشخاص – أحدهم كان ابراهيم البكراوي وهو أحد المتشددين المعروفين لدى السلطات البلجيكية – يدفعون عربات محملة بالامتعة. إن تصنيع القنابل ليس بالأمر السهل، ولقد أشارت السلطات البلجيكية الاربعاء الى أن المادة التي تم استخدامها في هجمات بروكسل هي تراي- أسيتون وتراي- بيروكسيد (TATP)، المادة الانفجارية المفضلة لدى داعش، وقد تم ضبط ما يقارب 15 غراما من تلك المادة في بيت تابع للمفجرين في شايربيك. وهذه المادة هي نفسها التي أُستخدمت في اعتداءات باريس، فبالإمكان تصنيع هذه المادة من خلال المواد الكيميائية المتوفرة في المنزل، الاسيتون والبيروكسيد، ولهذا السبب فإن داعش والمنظمات الارهابية التي سبقتها كانت تستخدم (TATP) بشكل رئيسي، في حين أنه لمن الصعب التعامل مع هذا النوع من المتفجرات. يقول جون دريك، خبير في مجال الارهاب والذي يتتبع أحوال داعش في العراق: “هذا النوع من المتفجرات غير مستقر للغاية”، ولا تزال المجموعة تطور قدراتها الكيميائية، واضاف “إذا كان صانعوا القنابل ليسوا بالخبرة الكافية أو كانوا يتبعون الوصفات، فإن النتائج تميل نحو تصنيع اجهزة فاشلة او موت المصنع نفسه نتيجة لتفجير خاطئ، ولكن نحن لم نشهد حدوث هذا في اوروبا لحد الان، مما يعطيني فكرة بأن هناك شخص يعرف ما يفعله، وقد كان يدير العمليات عن قرب ويخطط لها، ولكنه غادر بعدها على الاغلب”.

إن كون صانع القنابل واحد من الاشخاص الذين شاركوا بتفجيرات بروكسل هو بحد ذاته مثير للإنتقاد، ويرجح بعض الخبراء بأن صانع القنابل لم يشارك بالعمليات على الاغلب، وقد إدعى ماثيو هينمان، رئيس مركز جاين للارهاب والتمرد التابع لمؤسسة آي اتش اس، “ليكن من يكن، فإن لديه قيمة عالية جدا لدى داعش، إنه لمن الضروري بالنسبة لداعش أن يبقى مصنعي القنابل مختفين، ويحتاج التنظيم الى ان يتنقل هؤلاء من مكان لأخر من دون ان يُكشفوا، فداعش يريد الحفاظ على هذه الخبرة”.

احدى التكهنات تشير الى نجم لاكراوي، إذ تم الأربعاء الماضي من تشخيص حمضه النووي ووجد أنه الانتحاري الثاني، حسب ما قاله الاعلام البلجيكي، وقد كان نجم لاكراوي الذي تم اعتباره أحد المتورطين في تفجيرات باريس بجانب صلاح عبد السلام، المخطط اللوجستي لخلية باريس الارهابية الذي اُعتقل في بلجيكا الاسبوع الفائت. وقد وجد الحمض النووي للاكراوي على البدلة الناسفة الممتلئة بمادة TATP التي تم استخدامها في احداث تشرين الثاني، ولكنه لم يكن أحد اعضاء الخلية المسؤولة عن الانفجار، الذي قاد البعض لترجيح أن يكون لاكراوي شخصية رئيسية في شبكة داعمة، ويعتقد البعض بأن لاكراوي له صلات بشبكة داعش المسؤولة عن التفجيرات الخارجية في سوريا.

إذا مات السيد لاكراوي في الهجوم وكان هو صانع القنابل، فإن هذا يعني أن موته هو دعم وتسهيل لمهمة المسؤولين الامنيين لأنه سبّب الضعف في قابليات داعش، ولكن بالمقابل فإن الشبكة الاوروبية قد تمتلك خبير متفجرات آخر. يقول محللوا الارهاب بأن إنشاء صورة وملف لصانع القنابل هو أمر بالغ الاهمية لمعرفة نطاق داعش ومدى عملياتهم، ويقول أحد مسؤولي الاستخبارات الاوروبيون بأن صانع القنابل هو عنصر مركزي في شبكة جهادية تتضمن اعضاء ماهرون تعمل بسرية تامة، وتلك المجموعة تعمل مع العديد من الخلايا المستقلة، وكل من تلك الخلايا المستقلة تتضمن مقاتلين عائدين من جبهات سوريا ومتطرفين من دوائر جهادية محلية.

رؤساء مكافحة الارهاب يستهينون لحد الآن بقدرات الشبكة، فقد افترض الكثيرون بعد هجمات باريس بأن المجموعة سوف تحتاج الى وقت لكي تعيد هيكلة نفسها، يقول مستر هينمان: “لم تتكشف الاجهزة الامنية مراكز التسهيل والشبكات الداعمة التي تقف خلف تلك الهجمات، إن الشبكة الداعمة التي تتألف من اُناس تلقوا اعلى مستويات من التدريبات على ايد قيادات داعش، والكثير منهم من البعثيين السابقين الذين لديهم خبرة من خلال عقود في التمرد، هي اساسية لمعرفة امكانية داعش في قيامهم بالهجمات من حيث امور الاستطلاع، والخدمات اللوجستية، والنقل، وتصنيع القنابل”. مع كل هجوم يحدث، فإن الادلة المتاحة تزداد بالنسبة للسلطات، ولكن لازالت الصورة لم تكتمل الى الآن، وداعش قد تتغير.

وقال مسؤول امني بريطاني بأن الجهاديون يعملون على توسعة نطاقهم في اوروبا في جميع الاوقات، وأنهم يديرون مسألة التعريف الشخصي بعناية للمحافظة على مجهولية كل خلية مما يحبط الجهود التحقيقية التي تبحث عن الروابط. وأضاف “ما شهدناه هو التنويع الحقيقي للتكتيكات المستخدمة، لقد تطور داعش في السنتين الاخيرتين في أوروبا – إنها تعمل على تطوير مهارات وقابليات لم تكن تمتلكها من قبل، وهذا ليس مدعاة للاستغراب – فأنت أمام ناس ذهبوا الى مناطق حرب وظلوا على قيد الحياة واصبحوا اقوى ثم عادوا مرة ثانية. لقد تم تدريبهم، واصبحوا اكثر مهارةً”.


ملاحظة :
هذه الترجمة طبقاً للمقال الأصلي الموجود في المصدر ادناه ، والمركز غير مسؤول عن المحتوى ، بما فيها المسميات والمصطلحات المذكوره في المتن .

 

المصدر:

http://www.ft.com/intl/cms/s/0/d18621ac-f0f7-11e5-aff5-19b4e253664a.html?siteedition=intl#axzz446b0g400