أعلنت المملكة العربية السعودية بتاريخ 15 كانون الأول (ديسمبر) 2015 عن تشكيل تحالف عسكري إسلامي من 34 دولة لمحاربة الإرهاب، ونشرت وكالة الأنباء السعودية أسماء الدول التي قالت انها أعلنت موافقتها على المشاركة بقيادة السعودية التي اتخذت من الرياض مقرا لقيادتها العسكرية المشتركة.

وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ان الهدف من هذا التحالف العسكري هو محاربة الفكر المتطرف واستهداف رجال الدين والقادة السياسيين المتطرفين. واضاف الجبير‘‘ليس هناك حدود للمساعدة التي ستقدم أو لمن ستقدم، هناك عدد من الدول في حاجة ماسة إلى المساعدة (ضد الإرهاب)، وهذا التحالف ليس سنيا’’. وان مهمة التحالف الجديد هو:

  • التحالف الامني وتبادل المعلومات.
  • المساعدة في التدريب وتسليم المعدات.
  • إرسال القوات على الأرض في الدول التي تقاتل الإرهاب.

وقال الجبير إن )السعودية والإمارات وقطر والبحرين( تدرس إرسال قوات خاصة إلى سوريا بالتنسيق مع الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش. اما العميد أحمد عسيري مستشار وزير الدفاع السعودي، فقد اعلن عن مراحل إنشاء التحالف بانجاز الخطوة الأولى وهو الجانب السياسي، والخطوة اللاحقة هو إنشاء مركز عمليات مشترك في الرياض من خلال ورش عمل من جميع الدول المشاركة لوضع الآليات والسياسات والإجراءات.

الدول المشاركة في التحالف العسكري السعودي

18 دولة عربية في التحالف  
السعودية مصر قطر الإمارات المغرب السودان تونس
لبنان الأردن البحرين الكويت فلسطين ليبيا اليمن
موريتانيا جزر القمر الصومال جيبوتي  

4 دول عربية خارج التحالف  
العراق سوريا الجزائر سلطنة عمان

12 دول افريقية في التحالف  
ساحل العاج نيجيريا النيجر تشاد توغو مالي سيراليون
أوغندا غينيا السنغال بنين الغابون  

5 دول اسيوية في التحالف  
تركيا باكستان بنغلادش ماليزيا المالديف

استراتيجية الولايات المتحدة في سوريا والعراق

بتاريخ 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، كتب جون بولتون في صحيفة نيويورك تايمز مقالا بعنوان ‘‘لهزيمة تنظيم داعش، أسسوا دولة سنية’’، وبولتون كان السفير الاسبق للولايات المتحدة في الامم المتحدة في عهد الرئيس جورج بوش وحاليا يعمل كمفكر استراتيجي في معهد (امريكان انتربرايز) احدى مراكز صنع القرار الامريكي، كتب قائلا، ان سورية والعراق اللتين نعرفهما قد انتهيا، وان البديل عن تنظيم داعش هو تأسيس الولايات المتحدة والدول العربية لدولة سنية إلى جنب دولة كردية شمال العراق. ورأى بولتون ان هذه الدولة السنية تملك اسباب الوجود والاستمرار لامتلاكها النفط بما يقدره بـ(13 بئرا في العراق و170 بئرا في سورية) بعد ان تقوم الولايات المتحدة بتقسيمها بين  الكرد والعرب السنة، وان على الدول الخليجية خصوصا السعودية تقديم منح مالية كبيرة خلال فترة التأسيس، وذهب بولتون إلى ان هذه الدولة السنية ستكون غير ديمقراطية لفترة غير قصيرة كي تستطيع محاربة الجماعات الاسلامية المتطرفة.

وفي 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 دعا جون ماكين رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ والسناتور ليندسي غراهام المرشح الرئاسي، إلى تشكيل قوة من 100 ألف جندي أجنبي لقتال تنظيم داعش معظمهم من الدول السنية مع 10 آلاف جندي أميركي، وانه على هذه القوات احتلال جزء من سوريا لفترة طويلة بعد هزيمة تنظيم داعش، وان هذه القوات ستكون قوات دولية وان جنود الدول العربية السنية سيتمكنون من السيطرة على جزء من سوريا حيث سيلقون فيه ترحيبا.

تقوم الاستراتيجية الامريكية المعلن عنها بشكل رسمي على تحفيز الدول العربية ‘‘السنية’’ لارسال قوات برية تقاتل تنظيم داعش، اعتقادا منها ان ذلك سيؤدي إلى تشجيع المجتمعات السنية الواقعة تحت حكم داعش على الثورة. وان قيام الدول السنية بارسال قوات برية عربية ومسلمة سيمنع حدوث فراغ بعد رحيل الأسد كي لا يستغله التنظيم أو حلفاء الاسد من ‘‘الشيعة’’، وان الدول السنية ستدعم قوى المعارضة السورية لاستعادة المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في سوريا أو انها ستدعم القبائل السنية في العراق. لذا طلب وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر من الدول الخليجية بدور أكبر في الحرب، وقال ‘‘إن التحالف الذي تقوده السعودية يتماشى مع دعوات الولايات المتحدة لدور سني أكبر في قتال مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية، ونرغب من الدول الخليجية تقديم المزيد’’.

وبخصوص الموقف البريطاني، فقد رحبت الحكومة البريطانية بالتحالف السعودي الجديد الا ان بريطانيا لن ترسل قوات برية إلى سوريا لكنها ستقدم الدعم الجوي. وترى الحكومة البريطانية إن أية قوات خليجية ستكون بديلا عن الـ 70 الف مقاتل الـ‘‘معتدل’’ الذين تحدث عن وجودهم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.

وفي 4 كانون الأول (ديسمبر) 2015 دخلت قوة تركية من ثلاثة أفواج معززة بالدبابات والمدافع إلى محافظة نينوى دون إذن مسبق من الحكومة العراقية لتدريب مجموعة عراقية من العسكريين والشرطة من سكان مدينة الموصل تستعد لقتال تنظيم داعش، وزارة الدفاع الامريكية قالت إنها على علم مسبق بإرسال تركيا لجنودها وان العمليات التركية ليست جزءا من أنشطة التحالف الامريكي.

فهل تكون القوات التركية حاليا قرب الموصل طلائع قوات التحالف ‘‘الاسلامي’’ للدخول إلى الموصل وبتنسيق مباشر مع القوات الامريكية. ومن المقرر ان يزور الرئيس التركي المملكة العربية السعودية في 29 كانون الأول (ديسمبر) من هذا الشهر للتباحث بشأن التحالف الذي اعلنته السعودية بعد ان رحب رئيس الوزراء التركي احمد داود أوغلو بالاعلان السعودي.

صعوبات التحالف

التحالف الاسلامي ‘‘السني’’ الذي يقوده الأمير محمد بن سلمان يهدف بالدرجة الاولى لتعزيز دور السعودية الإقليمي مع ان صبغة التحالف غير واضحة خصوصا أنه يضم دولاً تعاني من تبعات حروب أهلية أو مشاكل اقتصادية وديون عالية أو فساد، وهناك تباين واضح بين الدول المشاركة ومصالحها المختلفة، فهل يشكل هذا التحالف خطرا حقيقيا على تنظيم داعش او باقي المنظمات الارهابية. ولعل ابرز عوائق هذا التحالف هي:

  • غياب العراق وسوريا عن المشاركة
  • التواجد الروسي في سوريا
  • تمويل الحملات العسكرية
  • تعريف الارهاب وتحديد المنظمات الارهابية
  • مشاركة دول افريقية ذات اقليات مسلمة

هذا التحالف الجديد يختلف عن التحالف السعودي باليمن، إذ ان هناك غياب لإستراتيجية واضحة خصوصا بعد تغييب العراق وسوريا إذ لم تتم دعوتهما فكيف يمكن التواجد عسكريا على الارض العراقية أو السورية دون موافقة الحكومتين!

يرافق تشكيل هذا التحالف الانتكاسة العسكرية السعودية في اليمن، خصوصا بعد استهداف الجيش اليمني لمقر قيادة التحالف السعودي التي تسببت بـ(مقتل العشرات من جنود التحالف السعودي بينهم قائد القوات الخاصة السعودية وقائد إماراتي وقائد كتيبة بلاك ووتر الأمريكية) ودمرت (العشرات من العربات العسكرية والمصفحات المدرعة التابعة لشركة بلاك ووتر). فالقيادة السعودية رغم تواجدها العسكري في اليمن منذ عشرة اشهر تقريبا، لم تنجح في انهاء الصراع لصالحها مع ان ايران غير موجودة باليمن فكيف الحال بمواجهة إيران على الأرض في سوريا.

بعض الدول الإسلامية الأكثر أهمية في العالم، بما في ذلك إيران وأفغانستان وإندونيسيا، ليست جزءا من هذا التحالف، مع انه تم توجيه طلب إلى أفغانستان واندونيسيا للانضمام لكنهما لم يتخذا قرارا بعد. اما باكستان فقد قال مسؤول بارز في وزارة الخارجية ان الحكومة سمعت عن التحالف عبر التقارير الاعلامية وانها طلبت من سفير باكستان بالرياض الاستفسار عن التفاصيل، ويبدو ان الدولة الباكستانية ستأنى بنفسها عن الانضمام لهذا التحالف ما لم تتلقى دعوة من الامم المتحدة. ولم تكن وزارة الخارجية الباكستانية الوحيدة التي فوجئت بضمها للتحالف، فقد أشارت حكومتي ماليزيا ولبنان أيضا انهما لا يعرفان  عنها الا القليل.

اما التواجد الروسي في سوريا فسيكون معضلة للحلف ‘‘الاسلامي’’، مع ان السناتور ليندسي غراهام رأى ان روسيا وايران ‘‘ستنهاران عندما تريان جيوش الدول المسلمة العربية وهي تتجه إلى سوريا’’، وهو حديث غير صحيح تماما لان جميع الدول المشاركة بما فيها اكبر دولتين مسلمتين بالتحالف وهما تركيا ومصر غير مستعدة للدخول في صراع مسلح مع روسيا، اذا ما علمنا ان بعضها صديق لروسيا كمصر.

وتعتبر قضية تمويل الحملات العسكرية للتحالف أحدى الأمور التي ستحدد مصيرها على الامد البعيد، رغم ان المملكة العربية السعودية ستكون الممول الأكبر والمنسق العام. ولا يخفى ان السعودية منذ عام سحبت خمس رصيدها الخارجي وهي تعاني ايضا من انخفاض اسعار النفط وينطبق الامر نفسه على باقي دول الخليج، والسؤال المهم هو إلى متى تستطيع دول الخليج تحمل نفقات الحرب اليمنية وثم حربا جديدة في سوريا أو العراق مع ضحايا من الجيش السعودي وباقي الجيوش الخليجية.

وهناك معضلة آخرى تتعلق بتعريف الارهاب ومدى اتفاق هذه الدول على تعريفه وتحديد الأهداف والآليات والخطط الامنية والعسكرية، خصوصا ان بعض الدول مثل مصر والامارات تعتبر بعض المنظمات المتطرفة ارهابية بينما لا تعتبرها تركيا وقطر. لذا فان هناك شكوكا حول استمرارية هذا التحالف الذي يضم قوى متناقضة مثل مصر والامارات العربية من جهه وتركيا وقطر من جهه اخرى، ومدى ثقة هذا الطرف بالآخر عند استهداف جماعة مسلحة محسوبة لاحدها على الآخر.

بعض الدول الافريقية المشاركة تعتبر حسب التصنيف الديني دول مسيحية تعيش على اراضيها اقليات مسلمة، وانضمام هذه الدول المسيحية للتحالف الاسلامي آثار استغراب المراقبين! وقد يعبر ذلك عن مدى الاحباط الذي تشعر به القيادة السعودية لضم مقاتلين من دول افريقية فقيرة تعاني من حروب اهلية وفساد سياسي وازمات اقتصادية مما سيجعل السعودية تدفع فاتوة باهظة لارضاء قيادات تلك الدول.

الدول الأفريقية في التحالف لها مشاركات عسكرية بمهمات للأمم المتحدة لأسباب مالية إذ صارت المشاركة العسكرية مشروعا اقتصاديا بالنسبة إليها. لذا تستعين القيادة السعودية بتلك القوات في الحملة البرية في سوريا والعراق، عملا بسياسة ‘‘دفتر الشيكات’’ التي اعتمدتها الخارجية السعودية بتقديم منح ومساعدات مالية كبيرة من أجل تحقيق مكاسب سياسية.

الدولة الافريقية الموقع نسبة المسلمين %
السنغال ويحدها موريتانيا شمالاً 94
النيجر الجزائر وليبيا شمالا 90
مالي الجزائر شمالا 90
غينيا غرب أفريقيا 85
سيراليون غرب أفريقيا 62
تشاد ليبيا شمالا والسودان شرقا 55
نيجيريا غرب أفريقيا 50.4

فيما هناك دول افريقية اخرى مثل اوغندا أكثر من 80 في المئة من سكانها من المسيحيين، و75 في المئة من الغابون مسيحيين ايضا. اما في بنين، فان  أكبر طائفة دينية هي الكاثوليكية، وتوغو ذات غالبية عظمى من السكان تحمل معتقدات محلية غير اسلامية.

دول افريقية مشاركة بالتحالف السعودي ذات اقليات مسلمة  
الدولة الموقع نسبة المسلمين %
ساحل العاج غرب أفريقيا 38.6
بنين غرب أفريقيا 24.4
توغو غرب أفريقيا 20
أوغندا جنوب السودان شمالا 12,1
الغابون غرب وسط أفريقيا 12

 هل تنضم الجماعات المسلحة إلى التحالف السعودي الجديد

التدخل العسكري ‘‘الاسلامي’’ في سوريا أو العراق شديد الصعوبة، بسبب الخلافات الشديدة بين تركيا ومصر اهم دولتين في التحالف. القيادة السعودية ستحاول التنسيق بينهما لترتيب اجندة التحالف العسكرية وتحديد التنظيمات الإرهابية وتصنيفها. ويظهر ذلك جليا في حضور حركة أحرار الشام وجيش الاسلام إلى مؤتمر المعارضة السورية في الرياض ليس لاخراجها من الاهداف السعودية في سوريا فحسب، بل لضمها إلى جيش التحالف السعودي بعد ان تم ‘‘تبييضها’’ في الرياض. والامر ينطبق على باقي الجماعات المسلحة التي شاركت في مؤتمر الرياض (فيلق الشام، جيش اليرموك، سيف الشام، ثوار سورية، شباب السنة، تجمع أحمد العبدو، الجبهة الجنوبية، حركة شباب السنة في بصرى الشام، جبهة ثوار سوريا، وجماعات تركمانية مسلحة من الشمال السوري).

ويبدو ان المملكة العربية السعودية توصلت مع الولايات المتحدة إلى حل للمعضلة التي أخرت سقوط نظام الاسد، وهي عدم وجود قوات برية ‘‘مقبولة دوليا’’ تستطيع ان تقاتل الجيش السوري وتنظيم داعش وجبهة النصرة، وبذلك تستطيع الدول الغربية الدخول في حلف مع جماعات سلفية جهادية مثل “أحرار الشام” أو “جيش الإسلام” اللتان لهما مجتمعتان اكثر من 30 ألف مقاتل.

التنافس السعودي الداخلي

كتب المغرد ‘‘مجتهد’’ في تويتر والذي يُعتقد انه من العائلة الحاكمة السعودية، عن تنافس شديد بين وزير الدفاع محمد بن سلمان ووزير الداخلية محمد بن نايف على أثبات الاهلية لخلافة الملك سلمان. وكتب قائلا ان الامير محمد بن سلمان يرى ان الولايات المتحدة والغرب تربطهم علاقات وثيقة مع الامير محمد بن نايف، لذا يسعى بن سلمان لاثبات الجدارة في السياسة العسكرية الخارجية في مواجهة الارهاب وكأنه يقول للحلفاء الامريكيين ‘‘ان نجح محمد بن نايف في مواجهة الارهاب داخل السعودية، فسأنجح في مواجهتها بالخارج’’. وذكر مجتهد الذي اعتاد على تسريب اخبار العائلة المالكة، ان محمد بن سلمان ‘‘أنزعج من التقارير التي تتحدث عنه كطفل متهور يشكل خطرا على السعودية’’ خاصة ما صدر من قبل المخابرات الألمانية وبعض الصحف الأمريكية.

ان التحالف السعودي الذي أعلنه محمد بن سلمان بنفسه ‘‘لا يشتمل على أي ترتيب عملي ولا قوات مشتركة ولا تنسيق عسكري ولا دستور إداري ولا لائحة تنظيمية’’، كما لا يشتمل على الحد الأدنى من طبيعة التحالف، ومنها تحديد الهدف، وتعريف الحليف والعدو. ‘‘وماحصل ليس إلا تفاهم شفوي مع مسؤولين في الدول المذكورة حول محاربة الإرهاب ولن يزيد شيئا عن التنسيق الاستخباراتي والسياسي الذي تقوده أمريكا’’.

كما ان هناك جانب مالي في محاربة الارهاب، إذ تنفق المملكة العربية السعودية ضمن ميزانية خاصة في محاربة الإرهاب والذي يخضع بالكامل لادارة محمد بن نايف منذ عشر سنوات 87.5 مليون ريال يوميا منها 50 مليون ريال داخل السعودية و10 مليون دولار خارجها، وهو ما يعادل 32 مليار ريال سنويا، لذا يعتقد مجتهد ان احدى فوائد التحالف السعودي الجديد هو احتمالية قيام الامير محمد بن سلمان باستصدار أمر من الملك لجعل هذه الميزانية تحت ادارته.

خلاصة القول

الحملة التي تقودها السعودية في اليمن تقترب من فشلها خاصة بعد ارتفاع عدد ضحايا الجانب السعودي مما يشكل تحديا للتأييد الشعبي للحرب وقيادة الامير محمد بن سلمان الذي راى في الحملة على اليمن مرحلة أولى في سياسة طموحة تستهدف النفوذ العسكري والسياسي الإيراني في المنطقة. القيادة السعودية منذ البداية سوّقت الحملة اليمنية على أنها خطوة أولى في استراتيجية سميت بـ‘‘عقيدة سلمان’’، ولكن هل يمكن تطبيقها على حالات أكثر صعوبة وتعقيدا مثل سوريا والعراق!

وبعد ان فشل الهجوم على صنعاء وارتفعت الخسائر انهارت الطموحات العسكرية المستقبلية للسعودية في العراق وسوريا، إذ كانت الرياض تأمل في تحقيق انتصار سريع في معركة صنعاء لتحول قوة تحالف اليمن إلى قوة تدخل يعتمد عليها مجلس التعاون الخليجي، لكن الحرب تحولت إلى حرب استنزاف بخسائر يومية مما جعل القيادة السعودية تغير سياسة التدخل العسكري إلى تحالف لدول اسلامية ذات طابع طائفي خصوصا وان دول الخليج لا تتحمل الخسائر البشرية كالإمارات والكويت وقطر.

الهدف الرئيسي من تشكيل التحالف السعودي هو تأسيس دول سنية بين العراق وسوريا بدماء عربية وتركية وافريقية وتمويل خليجي، إذ يبدو ان الاستراتيجية الامريكية في سوريا والعراق قد تغيرت من إنشاء قوات ‘‘سنية’’ على غرار مجالس الصحوات السابقة في العراق حسب مقترحات قدمتها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون والسفير الأمريكي السابق في العراق جيمس جيفري لانها صارت غير قابلة للتحقيق وفشلت فشلا ذريعا، بعد ان انشق مقاتلو المعارضة السورية ‘‘المعتدلة’’ وانضموا إلى جماعات مسلحة ارهابية أو فصائل أخرى أو غابوا عن الانظار.

لذا تلجأ الولايات المتحدة إلى خطة جديدة تقوم على التدخل العسكري المباشر لدعم ‘‘السنة’’ من سكان المنطقة الخاضة لحكم تنظيم داعش ومن ثم إنشاء دولة سنية تربط ما بين مناطق العرب السنة في كل من العراق وسوريا، ومن تجارب الولايات المتحدة في العالم مثل حرب كوسوفو في عام 1999 وجدت أن الضربات الجوية لا تهزم الجيوش، بل ان ما يهزمها هو تدخل القوات البرية.

السناتور ليندسي غراهام قال ان القوات العسكرية للدول السنية والولايات المتحدة ستكون قوات دولية، عبر استصدار قرار من مجلس الامن والامم المتحدة. فهل ستقبل روسيا والصين باصدار مثل هذا القرار.

اضافة إلى ما سبق يمكن القول ان الهدف من هذا التحالف هي آلية جديدة للسعودية لتأكيد زعامتها في المنطقة ولردع إيران، عبر خلق مواجهة ‘‘طائفية’’ تستهدف بالدرجة الاولى ايران ثم سوريا والعراق ولبنان، اضافة لتعقيد المهمة الروسية في محاربة تنظيم داعش. ومهما حاولت القيادة السعودية اظهار التحالف على انه ليس لدول ‘‘سنية’’ الا ان عدم اشراكها لايران والعراق وسوريا يعطي اشارة واضحة انها موجهه بالاساس ضد الدول الثلاثة.