موافقة الولايات المتحدة والدول الغربية على مقررات المؤتمر وحضور الجماعات المسلحة في الوفد المفاوض التي تصر على رحيل الاسد، قد يعني افشال اتفاقي جنيف وفيينا وإعادة المساعي السياسية إلى المربع الاول حيث الميدان يقرر السياسة.

استضافت المملكة العربية السعودية مؤتمرا لمجموعات المعارضة السورية في الفترة من الثامن إلى العاشر من كانون الأول (ديسمبر)، ضمت اكثر من 100 معارض سوري، فيما لم توجه دعوة إلى حزب الاتحاد الديموقراطي (الكردي) المتحالف مع حزب العمال الكردستاني. وتمت دعوة اعضاء في المعارضة السورية إلى مؤتمر الرياض من قوميات وطوائف مختلفة (العرب، والاكراد، والمسيحيين، والتركمان، والدروز، والعلويين، والاسماعيليين) ضمن الكيانات التالية:

  1. الجماعات المسلحة
  2. الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة
  3. هيئة التنسيق الوطنية
  4. لجنة مؤتمر القاهرة
  5. كيانات اخرى وشخصيات مستقلة ورجال دين

وانتهى الاجتماع ببيان ختامي، ابرز نقاطه:

  • تأسيس نظام سياسي جديد بدون الرئيس السوري بشار الأسد وأركان الحكومة الحالية، وألا يكون له أي دور في المرحلة الانتقالية وما بعدها.
  • تشكيل وفد مفاوض من 23 شخصا تحت اسم الهيئة العليا للتفاوض مقرها الرياض، ويضم (6 من الجماعات المسلحة، و6 من الائتلاف الوطني، و5 من هيئة التنسيق، بالإضافة إلى 6 شخصيات مستقلة).
  • تقوم الهيئة العليا للتفاوض لاحقا باختيار 15 شخصا من بينها لقيادة المفاوضات مع الحكومة السورية بإشراف الأمم المتحدة.

الجماعات المسلحة ذات الايديولوجية التكفيرية

الجماعات المسلحة التي شاركت في المؤتمر هي (جيش الإسلام، أحرار الشام، فيلق الشام، جيش اليرموك، سيف الشام، ثوار سورية، شباب السنة، تجمع أحمد العبدو، الجبهة الجنوبية، حركة شباب السنة في بصرى الشام، جبهة ثوار سوريا التي يقودها أبو أسامة الجولاني، جماعات تركمانية مسلحة من الشمال السوري) مع بعض الضباط المنشقين.

وشكل حضور ممثلين عن جيش الإسلام وحركة أحرار الشام وغيرهما من الجماعات المسلحة ذات الايديولوجية السلفية الجهادية التي لا تؤمن بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، محاولة سعودية لـ”تبييض” هذه الجماعات، رغم كل الجدل القائم عن كونها إرهابية! فحركة أحرار الشام موضع جدال كبير بين روسيا من طرف وبين تركيا والسعودية وقطر من طرف آخر، والحركة هي اكبر واقوى الفصائل المسلحة في سوريا لانها تضم ما يقارب الـ25 ألف مسلح. حركة أحرار الشام وجيش الاسلام نسختان من تنظيم القاعدة موازنتان لجبهة النصرة التي بايعت ايمن الظواهري، فيما لم يبايع احرار الشام وجيش الاسلام الظواهري.

جيش الاسلام واحرار الشام فصيلان ضمن جيش الفتح (أو جيش الفاتح كما يسميها الاتراك)، وهما مع جبهة النصرة يشكلون السواد الاعظم من جيش الفاتح، كما ذكر موقع صحيفة (يني شفق) التركية المقربة من الرئيس رجب طيب اردوغان في 6/6/2015 باللغة العربية إنّ ”جيش الفاتح وهو كيان عسكري تشكل قبل نحو 3 أشهر، يضم عدداً كبيراً من فصائل المعارضة السورية منها جبهة النصرة وحركة أحرار الشام وجيش الإسلام‘‘. ويضم ايضا جند الاقصى، والجبهة الشامية، وفيلق الشام، و كتائب ثوار الشام، وتجمع فأستقم كما أمرت، وكتائب فجر الخلافة، وحركة نور الدين الزنكي، وجيش المجاهدين، وجيش السنة، وكتائب أبو عمارة، والفرقة 101، والفرقتين 16 و13، ولواء الفتح، ولواء السلطان محمد الفاتح (تركماني)، والسلطان مراد (تركماني)، وفرسان الحق، وصقور الغاب، والحق، وألوية الفرقان، وحركة بيارق الإسلام، ولواء الحرية، وحركة بيان، ولواء شهداء الاتارب، وجبهة الأصالة والتنمية، وتجمع العزة، ولواء أنصار الخلافة، ولواء صقور الجبل، ولواء سيف الله، وقوات النخبة .

الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة

وهو الطرف المقرب من المملكة العربية السعودية ومن قطر وتركيا حيث مقره، وهو أبرز مكونات المعارضة السورية في الخارج ويضم عدداً من (الشخصيات، والأحزاب العربية والكردية والتركمانية والمسيحية، وبعض الفصائل العسكرية). تأسس الائتلاف في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 في قطر، ونال اعتراف 120 دولة. وحضر الائتلاف بعشرين ممثلا برئاسة رئيسه خالد خوجة واعضاء من الهيئة السياسية، وبشكل مستقل حضر المؤتمر بعض المحسوبين على الائتلاف، و13 شخصاً آخرين مقربين ايضا من الائتلاف ضمن كيانات اخرى بعضهم كانوا اعضاءً سابقين. وأصر الائتلاف على شرط رحيل الرئيس بشار الأسد وتشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة قبل أي تسوية سياسية مع الحكومة السورية.

وبالنظر إلى قائمة الاشخاص المدعوين للمؤتمر فانه من الواضح ان الاغلبية كانت للائتلاف حيث بلغ عدد ممثليه بشكل مباشر أو من كيانات اخرى، أكثر من 38 ممثلا، واذا ما اضفنا إليهم ممثلي الجماعات المسلحة فان الاغلبية الكبرى من المدعوين الـ 100 حُسم للقرار السعودي، مع انه ’’تمت دعوة فصائل لا يتجاوز أعضاؤها أصابع اليد الواحدة وغيبت فصائل أساسية مناضلة داخل الوطن‘‘ حسبما قال المعارض السوري هيثم مناع.

هيئة التنسيق الوطنية 

تضم الهيئة أحزابا قومية ويسارية وشخصيات مستقلة تأسست في 2011 ومنسقها العام حسن عبدالعظيم، رفضت التدخل الخارجي في سوريا. وشاركت الهئية بـ12 ممثلا في مؤتمر الرياض، وتعد الهيئة اكثر الاطراف المعارضة قربا من الحكومة السورية خصوصا بعد مواقفها العلنية الرافضة للتدخل الخارجي في سوريا. اما بالنسبة الى موقفها من الرئيس الأسد، فهو “ليس لمنظومة الحكم الحالية ورئيسها مكان في المستقبل”، بكلمة آخرى يمكن للاسد البقاء خلال الفترة الانتقالية ولكن ليس في المستقبل.

لجنة مؤتمر القاهرة

تأسست اللجنة بعد لقاء معارضين استضافتهم الحكومة المصرية في شهر كانون الثاني (يناير) 2015، وتضم احزاباً قومية ويسارية وكردية وشخصيات مستقلة،. وشاركت اللجنة في لقاءات المعارضة في روسيا، وتسعى لتقديم نفسها كبديل عن الائتلاف، ومن أبرز مؤسسيه المعارض هيثم مناع الذي رفض حضور موتمر الرياض لعدم دعوة الكرد وفصائل اخرى.

كيانات اخرى وشخصيات مستقلة

الكيانات السياسية المشتركة الاخرى هي (الإخوان المسلمين، الإتحاد الإسلامي السوري، هيئة علماء الشام، التيار الوطني، حراك ثوري، التيار الشعبي الحر، الكُتاب الأحرار، حركة التجمع التعددي، الحزب الديموقراطي الكردي، المجلس الوطني الكردي، سليم إدريس ممثل وزارة الدفاع، المنظمة الآثورية، تيار غد سوريا، المنتدى السوري لرجال الأعمال، الكتلة الديموقراطية، العشائر، التحالف الوطني الديمقراطي السوري، تيار بناء الدولة، مكتب سياسي ثوار الرقة).

عقدة الأسد

بعد الاجتماع الكبير في فيينا في 14/11/2015، اتفق ممثلو 17 دولة مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية على إنهاء الحرب في سوريا عبر (وقف لإطلاق النار ثم بدء عملية سياسية بتشكيل حكومة انتقالية في سوريا خلال ستة أشهر وإجراء انتخابات خلال 18 شهرا) مع عدم الاتفاق على مشاركة الأسد من عدمه، وبدء محادثات مع الجماعات المعارضة، وعقد لقاء بين الحكومة السورية والمعارضة.

وقال المعارض السوري هيثم مناع في مقال له نشرته صحيفة الرأي اليوم في 6/12/2015، ان ’’مؤتمر فيينا كلّف المملكة العربية السعودية بعقد مؤتمر للمعارضة السورية في الرياض لاختيار الوفد المفاوض للمعارضة السورية‘‘، لذا تسعى السعودية إلى توحيد المعارضة وفق خطة واحدة للتفاوض مع الحكومة السورية بتشكيل وفد كبير من المعارضة قبل التوجه للقاء وفد النظام السوري، والاصرار على شرط واحد وهو ’’لا مكان للاسد في الفترة الانتقالية أو في مستقبل سوريا‘‘.

الائتلاف المعارض الذي يعكس رأي تركيا وقطر بالدرجة الاولى قبل السعودية، طرحت  مشروع (تشكيل هيئة حكم انتقالية تمارس كامل السلطات والصلاحيات التنفيذية، بما فيها سلطات وصلاحيات رئيس الجمهورية على وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة، ومن ضمنها المؤسستان العسكرية والأمنية). فيما طرحت هيئة التنسيق مشروع (تكوين هيئة الحكم الانتقالي التي تنقل لها جميع الصلاحيات التشريعية والتنفيذية وتنبثق عنها مؤسسات المجلس الوطني الانتقالي، ومجلس القضاء الأعلى، وحكومة المرحلة الانتقالية، والمجلس الوطني العسكري الانتقالي، والهيئة المستقلة العليا للإنصاف والعدالة والمصالحة).

المملكة العربية السعودية أبدت بعض المرونة ’’الخفية‘‘ بخصوص موقفها الرافض لأي دور للأسد في المرحلة الانتقالية بعد تغير رأي المجتمع الدولي ورغبة الدول الكبار في اعطاء دور ما له في هذه المرحلة، خصوصا بعد المحادثات الروسية السعودية، فالسعودية لا تريد تقديم تنازل واضح يفهم منه اعترافا بانتصار الاسد واقرارا بهزيمة المشروع السعودي في سوريا. وذلك يتضح من تصريحات وزير الخارجية السعودية خلال الشهرين الماضيين.

ففي 28 أيلول (سبتمبر) الماضي قال الجبير في مقابلة على قناة الحرة أن ’’لا مكان للأسد في المرحلة الانتقالية‘‘، وفي 2 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي جدد نفس الموقف أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن في 13 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي أعلن خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الفرنسي أن ’’لا دور للأسد في مستقبل سوريا‘‘ دون الاشارة إلى المرحلة الانتقالية، وفي 27 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي كرر الجبير في مؤتمر صحفي مع نظيره النمساوي ان ’’لا دور للأسد في مستقبل سوريا‘‘. والفرق بين صيغة ’’لا دور للأسد خلال المرحلة الانتقالية‘‘ وبين صيغة ’’لا دور للأسد في مستقبل سوريا‘‘ كبير، وبذلك تنضم السعودية للمعسكر الامريكي البريطاني الفرنسي في منح الاسد دور ما بالمرحلة الانتقالية لكن دون الجهر به علنا. وهو ما يختلف فيه السعوديون مع الاتراك والقطريين القائلين بلا دور للاسد في المرحلة الانتقالية، فهل هو تكتيك سعودي لمجاراة الدول الغربية أم تغيير حقيقي!

إعطاء الشرعية على حركة احرار الشام وجيش الاسلام

الكيانات السياسية السورية (الائتلاف الوطني، هيئة التنسيق، لجنة القاهرة، والاحزاب الاخرى) لا تسيطر على الارض السورية والا لكانت جعلت من المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة مقرا لها ولنشاطاتها. في حقيقة الامر ان من يملك الارض هما فصيلان، الجماعات المسلحة الجهادية وقوات الحماية الكردية.

المعضلة الكبرى في سوريا التي لا تجد لها الدول الغربية مع تركيا والسعودية وقطر حلا، هي عدم وجود قوات برية يمكن القبول بها لتقاتل الجيش السوري وتنظيم داعش وجبهة النصرة، وباستثناء وحدات حماية الشعب الكردية المتحالفة مع حزب العمال الكردستاني والتي تضم حوالي 55 ألف مقاتل فانها لا تقاتل خارج المنطقة الكردية رغم الدعم المطلق لطيران قوات التحالف، فإن اهتمام قوات الحماية الكردية هو السيطرة على المناطق التي تمتد على طول الحدود مع تركيا. بالاضافة إلى ذلك، فان استيلاء القوات الكردية على مدينة الرقة مع اعتبارها في نظر معظم العرب السوريين’’مليشيات كردية‘‘، ستكون لها عواقب سياسية في الاستيلاء على بلدة عربية.

ان ادعاء رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بوجود 70 ألفا من المقاتلين ’’المعتدلين‘‘ في المعارضة السورية اثآر استغرابا وسخرية، مع انه لا يشمل المقاتلين الكرد. تقييم رئيس الوزراء البريطاني انما هو مستمد من تقارير المخابرات البريطانية كما قالت مجلة الايكونومست بتاريخ 5/12/2015 وهي تتحدث عن ’’قوات على الارض السورية‘‘، وقالت أن هناك أكثر من مئة جماعة مسلحة بما مجموعه 75 ألف مقاتل، وبعضها يعمل تحت مظلة الجيش السوري الحر المصنف بانه “معتدل”.

المشكلة الحقيقية لدى الدول الغربية أنها لا تستطيع الدخول في حلف مع جماعات سلفية جهادية مثل “أحرار الشام” أو “جيش الإسلام” اللتان لهما مجتمعتان اكثر من 30 ألف من اعنف المقاتلين، خصوصا ان هذه التنظيمات متحالفة مع جبهة النصرة التي بايعت زعيم تنظيم القاعدة مع انهما ضد تنظيم داعش. وحسب ايكونومست فان التنظيمان يعتمدان على دعم المملكة العربية السعودية وقطر، وهناك انقسام داخل الجماعة نفسها بين البراغماتيين والاصوليين، فالبراغماتيين يريدون تطمين الدول الغربية لعقد تحالف معها والابتعاد عن جبهة النصرة، أو لتبييض النصرة لاحقا كما تحاول قطر دبلوماسيا اقناع الدول الغربية بان النصرة لا تشكل تهديدا لها، ولديها مشروع سوري داخلي فقط يتمثل في اسقاط النظام ومواجهة تنظيم داعش فيما يبدو انها محاولات قطرية لتهذيب صورة النصرة عند مقارنتها بداعش.

لذا تسعى المملكة العربية السعودية إلى ’’تنظيف‘‘ هذه الجماعات القوية على الارض بإعطاءها الشرعية في مؤتمر الرياض وحسم الجدل مع روسيا بكونها ليست ارهابية بل “معتدلة”، وبالتالي يمكن أن تحصل على الدعم العسكري واللوجستي من الدول الغربية لانها ’’لا تستهدف الغرب ولا تصدر الايدولوجية الجهادية‘‘.

استبعاد القوى الكردية الحقيقية

استبعدت المملكة العربية السعودية حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات سورية الديمقراطية الكرديتين إذ لم تشا السعودية اغضاب الحليف التركي لان الفصيلين تربطهما علاقات ثيقة جدا بحزب العمال الكردستاني الذي يخوض حربا ضد تركيا منذ اكثر من ثلاثين عاما، واستثناء حزب الاتحاد الديمقراطي بما لديه من قوة قتالية ضد الجهاديين جاء ايضا بعد تحفظ السعودية على عدم قاتله للجيش السوري والعلاقات الجيدة مع روسيا وايران.

موقف المحور الروسي الايراني السوري ومؤتمري الحسكة ودمشق

جاء الرد الروسي الايراني السوري سريعا، إذ عقد بالتوازي مع مؤتمر الرياض مؤتمران آخران للمعارضة السورية في داخل سوريا في مدينتي دمشق والحسكة، الحسكة التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي. والغاية من مؤتمر الحسكة هو إيجاد مظلة سياسية شرعية للفصائل المعارضة التي تقاتل (تنظيم داعش وجبهة النصرة وجيش الاسلام واحرار الشام وباقي فصائل جيش الفتح)، وحضور محادثات المعارضة مع الحكومة حسب اتفاق فيينا وبذلك لا تستطيع المملكة العربية السعودية احتكار الوفد المعارض بمؤتمر الرياض.

وشارك في مؤتمر الحسكة: هيئة التنسيق (التي شاركت في مؤتمر الرياض)، حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، قوات سورية الديمقراطية، الحزب الشيوعي السوري، حركة قمح، جبهة التغيير، حركة الاشتراكيين العرب، الاتحاد الاشتراكي العربي، الاتحاد السرياني، الحزب التقدمي الكردي، الحزب الديمقراطي الكردي، الحزب الديمقراطي الكردي، الحزب اليساري الكردي، حركة المجتمع الديمقراطية، قوات حماية الشعب الكردي، المجلس العسكري السرياني، قوات السوتورو، قوات الصناديد، غرفة عمليات بركان الفرات، لواء ثوار الرقة، ووفصائل مسلحة اخرى.

قناة روسيا اليوم، نقلت عن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف قوله ’’إن وفد المعارضة السورية يجب أن يضم جميع أطياف القوى المعارضة، ويجب ألا يكون هناك تعامل انتقائي وألا يكون أي فريق يروق لأحد اللاعبين الخارجيين هو المهيمن على غيره‘‘، وهو موقف واضح ان مؤتمر الرياض هيمن عليه فريق يروق للمحور السعودي التركي القطري، كما انه ليس المؤتمر الوحيد للمعارضة السورية ولا تحتكر قرار المعارضة.

اما الموقف الايراني، فقد اعتبر نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، ان ’’مثل هذه الاجتماعات في الرياض ستؤدي إلى الإضرار بمحادثات فيينا وستفشل جهود محادثات السلام بين دول كبرى في الغرب والشرق الأوسط‘‘. الموقف السوري الحكومي جاء في حديث للرئيس الاسد ان ’’الفشل هو النتيجة الطبيعية لهذا المؤتمر‘‘.

انسحاب حركة احرار الشام

انسحبت حركة احرار الشام من المؤتمر بعد ان وقعت على البيان الختامي ولم تحضر لقراءة البيان، مما يعني ان البيان الختامي ’’تم أعداده سلفا‘‘، حيث وافقت الحركة على كل مقرارات المؤتمر واعترضت على حضور هيئة التنسيق المقربة من النظام السوري وعدم اعطاء تمثيل كافي للجماعات المسلحة الجهادية الاخرى في الوفد المفاوض.

خلاصة القول

  • هيمنة الاخوان المسلمين على المؤتمر اغاض مصر والامارات العربية المتحدة، اللتان تتجهان حثيثا لدعم روسيا بالاعتراض على وفد مؤتمر الرياض.
  • دعوة المملكة العربية السعودية لتنظيمات مسلحة بعضها متحالف علانية مع تنظيم القاعدة أو جبهة النصرة، مثل احرار الشام وجيش الاسلام، انما هو لاعطاء الشرعية لهذه الحركات وبالتالي يمكن للدول الغربية الاعتراف بها والتحالف معها علنا ودعمها سياسيا وعسكريا ضد النظام السوري وضد تنظيم داعش، وبنفس الوقت محاولة انتقاذ هذه الجماعات الجهادية من قصف الطيران الروسي.
  • حضور الجماعات المسلحة التي تصنفها روسيا بالارهابية في الوفد المفاوض يعني على روسيا وايران القبول بهذه الجماعات المسلحة كجماعات’’معتدلة‘‘، في حين قال وزير الخارجية الروسي ’’يجب تطبيق ما تم الاتفاق عليه في فيينا خصوصا تحديد اللوائح المتعلقة بالارهاب‘‘ وبالتالي قد يعني افشال الاجتماع القادم بين وفد النظام ووفد مؤتمر الرياض.
  • حضور احزاب لا يتجاوز عدد اعضائها ’’اصابع اليد‘‘ وشخصيات مستقلة ليس لهم حضور الا في الاعلام الخليجي التركي، انما هو لفرض فريق مفاوض وفق اجندات المحور السعودي التركي القطري.
  • استبعاد القوى الكردية التي تسيطر على الارض رغم علاقاتها الوثيقة مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، ارضاءً لتركيا ولإن القوى الكردية لا تقاتل الجيش السوري ولا تريد رحيل الاسد.
  • الاحزاب السياسية لا تستطيع فرض القرار على الجماعات المسلحة التي تملك الارض والتي لها اجندة سياسية تتمثل في اقامة امارات اسلامية مشابه لامارة طالبان وفق الايديولوجية السلفية الجهادية.
  • اتفاق فيينا كلّف المملكة العربية السعودية بعقد مؤتمر للمعارضة لاختيار وفد المعارضة المفاوض، لكن ما حصل انه لم تتم دعوة جميع قوى المعارضة وتعاملت القيادة السعودية بإنتقائية لتحضير فريق مفاوض يروق بها، وهو ما لم تقبل به روسيا وايران.
  • موافقة الولايات المتحدة والدول الغربية على مقررات المؤتمر وحضور الجماعات المسلحة في الوفد المفاوض، ووصف وزير الخارجية الأميركي جون كيري لمؤتمر المعارضة السورية في الرياض بانها ’’خطوة هامة وبنّاءة جداً‘‘، يثير تساؤلات عديدة عن موقف الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين من تلميع صورة الجماعات الجهادية المسلحة. قد يعني افشال اتفاقي جنيف وفيينا واعادة المساعي السياسية إلى المربع الاول حيث الميدان يقرر السياسة.
  • تمسك المملكة العربية السعودية، خصوصا بعد لقاء ولي العهد السعودي محمد بن نايف (المقرب من الاخوان المسلمين) مع المعارضة واصراره على تبني مقرارات المؤتمر ’’رحيل الاسد في الفترة الانتقالية او استمرار القتال‘‘، قد يفشل كل جهود محادثات السلام لتستمر حرب الوكالة.

ولعل ما يكشف حقيقة النوايا السعودية من هذا المؤتمر هو ما قاله جمال خاشقجي المقرب من دوائر القرار السعودي، إذ قال على صفحته بتويتر ’’متفائل بنجاح مؤتمر الرياض ولكن الانفراجة الحقيقة او الفشل في اجتماع نيويورك، فإذا ما كرر بوتين تعنته وعطل التفاوض لن يبقى سوى خيار القوة.‘‘ أي ان مؤتمر الرياض هو لإفشال اتفاق فيينا، والبدء بمحادثات دولية جديدة بعد تبييض احرار الشام وجيش الاسلام وتقديم الدعم العسكري العلني لهما، واستمرار حرب الوكالة حتى ينهار الجيش السوري وتستنفذ روسيا ارصدتها المثقلة باسعار النفط المنخفضة والعقوبات الغربية، في وقت استشف فيه قادة المملكة العربية السعودية بعد لقائهم قادة الجماعات المسلحة في مؤتمر الرياض ان الجماعات ذات نفس طويل ولن تنهار بسرعة، اذا ما استمروا في تقديم الدعم لهم.