منذ بداية عام 2015 أشارت تقارير عدة إلى أن أكبر ثلاثة منتجين في أوبك، المملكة العربية السعودية، والعراق، وإيران، سيعملون على زيادة صادراتهم النفطية إلى مستويات قياسية بنهاية العام الحالي. وقد حدث هذا بالفعل لكل من المملكة العربية السعودية والعراق، ومن المرجح أن يحدث في ايران ايضا حالما يتم التوصل إلى اتفاق نووي مع الولايات المتحدة. إنّ مسببات ذلك تختلف بالطبع، ولكنها تؤدي الى النتيجة نفسها، وهي إما أنّ أوبك ستواجه أزمة في الافق، أو على الأرجح،أن العراق وإيران في طريقهم للحصول على مسارهم المنشود.

في ايار اعلنت وزارة النفط العراقية أنها صدرت نفطاً بمعدل ​​3.15 مليون برميل يوميا، ولديها القدرة على تصدير 3.75 مليون برميل في اليوم بحلول شهر حزيران، وهو رقم قياسي جديد. إنّ هذه الزيادة الهائلة في معدلات التصدير لم يتم مماثلتها في الآونة الأخيرة إلا من قبل المملكة العربية السعودية , ويظهر هذا أن العراق في طريقه إلى أن يصبح المنتج المتأرجح الوحيد في العالم في العقد المقبل. في الوقت الحاضر يعفى العراق من دفع ضرائب الانتاج من قبل أوبك بسبب ما يقرب من عقدين من الإنتاج تحت المعدل بسبب الحروب والعقوبات الاقتصادية, ولكن هذا سيتغير بالتأكيد حالما يصل العراق الى القدرة على إنتاج 5 ملايين برميلاً في اليوم الواحد وربما حتى قبل ذلك. ولكن عدم الارتياح واضح في أوبك وذلك لأن العراق يزيد من إنتاجه للنفط عند انخفاض الأسعار وزيادة الفائض النفطي المعروض، وبالتالي منع اسعار النفط من الارتفاع. ويعاني العراق من عجز الميزانية وسيواصل الضغط من أجل زيادة الصادرات النفطية بحجة أن على بقية الاعضاء في أوبك خفض إمدادات النفط إذا ما كانوا يرغبون في أن ترتفع الأسعار مجددا. وإعفاء ضرائب الإنتاج يضع ضغطا على المملكة العربية السعودية لتقليل المعروض النفطي للوضع القائم و أيضا لايجاد وسيلة لتعويض زيادة الصادرات النفطية المستقبلية في العراق, وهذا سيؤدي بالتأكيد إلى صراع سياسي في المستقبل القريب،وتحدٍ للهيمنة السعودية في منظمة أوبك.

من جانبها وصلت المملكة العربية السعودية أيضا إلى مستويات قياسية في التصدير, حيث شحنت ما يقارب 7.9برميلاً في اليوم في شهراذار. ياتي هذا كاستجابة لتراجع اقتصادها الذي ادى الى استخدام بعض من الاحتياط المالي الأجنبي. إن الإنتاج العالمي من النفط أزداد في عام 2014 بسبب زيادة إنتاج شركة شيل في الولايات المتحدة وزيادة الطلب على النفط مقارنة بالكميات المعروضة للبيع. عندما انخفضت الأسعار في العام الماضي, اجبرت المملكة العربية السعودية أوبك على الحفاظ على مستويات العرض الحالية على الرغم من أن هذا من شأنه إبقاء الأسعار على معدلاتها المنخفضة. واستند هذا القرار على الرغبة في الاحتفاظ بحصتها في السوق، وبالتالي منع شيل من السيطرة على الأسعار والاسهم. ولكن ارتفاع معدلات التصدير وبقاء الأسعار على حالها يضع السعودية تحت ضغط هائل. الآن بعد أن زاد إنتاج أعضاء أوبك الآخرين, يلقي هؤلاء الأعضاء باللوم على السعودية ويتهمونها بأنها المسؤولة عن انخفاض الأسعار وذلك لإيذاء الآخرين. يشيرالمتشائمون إلى حقيقة أن السعودية تتوقع أن تقوم إيران بزيادة إنتاجها النفطي وبالتالي إضعاف السوق وتدمير الاقتصاد الإيراني، الذي هو أقل مرونة من ذلك بكثير.

لقد عانت صادرات النفط الإيرانية في السنوات الأربع الماضية بسبب العقوبات التي حدت من عدد  المشترين الأجانب وجعلت آلية الشراء تزداد تعقيدا وخطورة. على هذا النحو، فقد فقدت ايران حصتها في السوق، وعانت من الكساد الاقتصادي، مما أدى إلى دعوة إيران في الاجتماع الأخير لأوبك لوضع سقف انتاج منخفض. يتم الآن الانتهاء من الصفقة النووية تقريبا، وتتوقع ايران إزالة العقوبات المفروضة عليها والذي من شأنه أن يزيد الصادرات النفطية الى ما يقرب 3 ملايين برميلاً في اليوم, وذلك من شأنه ان يؤدي إلى زيادة الإنتاج إلى مستويات قياسية. هذا سيؤدي الى وضع ايران في مسار تصادمي سياسيا واقتصاديا مع أوبك.

سيثبت عام 2015 انه عام تحديات لأوبك، ولكن في 2016 سيكون الصراع المحتمل حقيقياً، خصوصا مع زيادة الإنتاج العراقي, والإيراني، والسعودي إلى مستويات قياسية. لا تزال الأسعار تترنح تحت خط 80 $ (وأيضا في إطار نطاق $ 90-100 حسب رغبة أوبك)، وتخمة النفط مستمرة بسبب قلة الطلب وزيادة المعروض من قبل المنتجين. سوف يزيد إنتاج شيل الذي سيصبح اقتصاديا أكثر، و يستمر الاقتصاد الصيني بالتباطؤ، في الوقت نفسة تحرز مصادر الطاقة البديلة مثل الطاقة الشمسية تقدماً جيداً، كل هذه العوامل ستؤدي الى زيادة الضغط على سوق النفط في عام 2016 وعلى المدى المتوسط. وبالنسبة للعراق فان ذلك لن يهمه كثيرا لعدم امتلاكه القدرة على التأثير، وسوف يستمر في ضخ النفط بكميات متزايدة، في الوقت الذي سيقف فيه جانبا لمشاهدة الدول الأخرى وهي تتشاجر داخل أوبك وخارجها. أما بالنسبة لإيران فعليها أن تتحدى السعودية للتنازل للحصول على بعض السيطرة في منظمة أوبك، ربما من خلال لعب دور السعودية وذلك من خلال اضعاف السوق.

كلما زاد الاحتكار كلما تمكنت أوبك من التماسك والحفاظ على أهميتها لعقود عدة حتى الآن, و لكن ازدياد المنافسات الداخلية والنزاعات في الشرق الأوسط في حدتها تهدد بتمزيق المنظمة. مما لاشك فيه أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يودان أن يروا تفكك أوبك، وهذا من شأنه أن يجعل ارتفاع الأسعار مرة أخرى و بسرعة غير محتمل. الا أعضاء في أوبك، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وإيران يريدون منع ذلك، و لذلك لا بد من إيجاد حل وسط. للأسف لا يبدو أن هناك مجالا كبيرا لمثل هكذا حل في الصراع القادم, وقد يتحتم على المملكة العربية السعودية ان تتنازل عن بعض النفوذ من اجل الحفاظ على أوبك. لا أحد يستفيد من الفوضى، وتسيطر أوبك  على 40٪ من إمدادات النفط في العالم، و في النهاية سيجد هذا الاحتكار وسيلة ما للمضي قدما.