ليز سلاي -واشنطن بوست

ليز سلاي مديرة مكتب بيروت التي أمضت أكثر من 15 عاما تغطي الشرق الأوسط بما في ذلك حرب العراق وعملت في أفريقيا والصين وأفغانستان.

(المنصورية-العراق) ان تولي الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران زمام المبادرة بشكل متزايد في الحرب العراقية ضد الدولة الإسلامية يهدد بتقويض استراتيجية الولايات المتحدة التي تهدف إلى دعم الحكومة المركزية وإعادة بناء الجيش العراقي وتعزيز المصالحة مع الاقلية السنية الساخطة في البلاد.

ووفقا لمسؤولين امريكيين وعراقيين فان الميليشيات المسلحة (التي يقدر عددها من 100,000 إلى 120,000) تتفوق بسرعة على الجيش العراقي المرهق الفاقد للروح المعنوية والذي تضاءل عدده إلى ما يقرب من (48,000) جندي منذ ان تمت هزيمته في مدينة الموصل شمال العراق الصيف الماضي.

الهجوم الأخير ضد مسلحي الدولة الإسلامية في محافظة ديالى بقيادة منظمة بدر زاد من تعزيز مكانة الميليشيات كقوة عسكرية مهيمنة عبر مسافة شاسعة من الأرض تمتد من جنوب العراق الى كركوك في الشمال, كما أنها تقوم بدور أكبر إذ تلجأ هذه الميليشيات أحيانا إلى تكتيكات يتعرض فيها السنة لخطر التهجير عن مناطقهم مما يزيد من حدة الأبعاد الطائفية للقتال.

هذه الميليشيات ترسخ سيطرة إيران على العراق بالشكل الذي يجعل من الصعب اثبات غير ذلك لان هذه الميليشيات المدعومة وفي بعض الحالات المسلحة والممولة من قبل إيران تعلن علانية ولاءها لطهران فالكثير من هذه التنظيمات القوية مثل عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله هم من المحاربين القدماء من حرب إجلاء القوات الأميركية في السنوات التي سبقت 2011 على رحيل الجيش الامريكي.

في علامة من علامات انزلاق العراق وانضمامها الى الفلك الايراني هو وجود لوحات اعلانية عملاقة توضح بسالة الميليشيات مع صور لآية الله روح الله الخميني وخليفته المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في وسط بغداد حيث دمرت مشاة البحرية الامريكية تمثال صدام حسين في عام 2003.

ويقول محللون ان تزايد اليد الطولى للميليشيات يدعو إلى التسآءل عن مدى نجاح استراتيجية استخدام الطائرات الحربية الامريكية التي تقصف من السماء لانها توطد سلطة هذه التنظيمات على الأرض وهي التي تدعمها إيران والتي قد تكون معادية للولايات المتحدة.

وقال مايكل نايتس من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى انه اذا استمر القتال على مساره الحالي فان هناك خطر حقيقي من أن الولايات المتحدة ستهزم الدولة الإسلامية ولكن ستسلم العراق إلى إيران من خلال هذه النهج, وعلى الرغم من ترحيب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بالمساعدة الأمريكية ودعوته إلى المزيد فان قوة الميليشيات تهدد بتقويض سلطته وتحويل العراق إلى نسخة مشابهه للبنان حيث توجد حكومة ضعيفة رهينة أهواء حركة حزب الله القوية .. واضاف نايتس ان “الميليشيات الشيعية لا تريد تواجد الأمريكيين هناك وهي لم تفعل من قبل وسنرى محاولة هذه الميليشيات المدعومة من ايران اخراجنا تماما من هناك؟”.

قادة الولايات المتحدة الذين من المفترض ان يرسلوا قوات برية للمساعدة في الهجوم المخطط لاستعادة السيطرة على الموصل فان بعض الميليشيات بدأت بالفعل تتسآءل عن الحاجة لمساعدة الولايات المتحدة, حيث قال كريم النوري القائد العسكري والمتحدث باسم منظمة بدر التي برزت كأقوى التنظيمات المسلحة “اننا لسنا بحاجة اليهم سواء على الأرض أو في الجو” واضاف “يمكننا بانفسنا ان نهزم الدولة الإسلامية”.

الأساليب الاستثنائية

ذكر مسؤولون عراقيون أن الميليشيات غطت الاحتياج الهائل عندما استعرضت قوتها وعدتها في وقت حرج وساعدت في قلب معادلة الدولة الإسلامية التي كانت متوجه الى بغداد بينما قدمت الولايات المتحدة الدعم في وقت متأخر بعد أكثر من شهرين من حصار المسلحين للعاصمة وفي حين ان محاولة إعادة بناء الجيش العراقي المنهار بدأ فقط في كانون الاول فان اي دورة من المتدربين لم تتخرج الى الآن.

وقال موفق الربيعي النائب بالبرلمان عن ائتلاف العبادي (دولة القانون) “نحن في فترة انتقالية ونحن في حالة طوارئ” وقال “هناك تهديد وجودي وأن التهديد يقتضي استخدام طرق استثنائية” وفي حين ان الميليشيات التي تفضل أن توصف بأنها “قوات الحشد الشعبي” تشير إلى أن انتشارها مرخص به من قبل الحكومة ومن قبل فتوى رئيس السلطة الدينية في العراق آية الله العظمى علي السيستاني.

لكن سلسلة قيادة الميليشيات تمر عبر قادتها وفي كثير من الحالات مباشرة إلى إيران والرجل المعين لتنسيق أنشطتها هو أبو مهدي المهندس (اسم حركي) نائب مستشار الأمن القومي العراقي, والذي هو في قائمة عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية لدوره كقائد عراقي كبير في الحرس الثوري الايراني والذي أدين غيابيا من قبل الكويت لدوره في تفجير سفارتي الولايات المتحدة وفرنسا في الكويت في عام 1983.

قاسم سليماني القائد الأعلى للقوة الإيرانية ظهر بشكل منتظم على الخطوط الأمامية في العراق وكأنه يرد على صدى ظهور الجنرالات الامريكيين في المعارك التي جرت في العقد الماضي.

ويتزايد حديثا تولي قيادة المعارك بشكل مباشر من قبل زعيم بدر القوي هادي العامري الذي يدعي أنه مسؤول عن وضع الخطط الحربية بالنيابة عن القوات الأمنية فضلا عن الميليشيات, ففي اجتماع حاشد عقد في وقت سابق من هذا الشهر للاحتفال بهزيمة مقاتلي الدولة الإسلامية في محافظة ديالى ظهر العامري بدور البطل وقال “مهمتنا هي تحرير العراق مع العراقيين وليس مع الأجانب” وقال العامري للمقاتلين المبتهجين وهم يهتفون باسمه ” يجب علينا محاربة الطائفية وتحقيق المصالحة والحفاظ على وحدة العراق”.

عمليات القتل في القرى

في جولة على القرى المحررة في الآونة الأخيرة كان واضحا ان هناك خطر من دور الميليشيات في تعزيز الطائفية, ففي احدى القرى (قرية العسكري) تم احراق كل المنازل في تكتيك زعم السياسيون السنة انه يهدف إلى تطهير مناطق كاملة من السنة ومنعهم من العودة إلى ديارهم.

ورفضت بدر اصطحاب صحفيين إلى قرية أخرى (قرية بروانة) حيث عثر على ما لا يقل عن 53 وربما ما يصل الى 70 رجل سني مقتولين رمياً بالرصاص بعد هزيمة الدولة الإسلامية, وقال شهود عيان وسياسيون سنة ان المقتولين كانوا مدنيين لجأوا الى بروانة بعد أن استولى مسلحون على قريتهم واتهموا الميليشيات الشيعية بتنفيذ عملية القتل .. منظمة بدر نفت ان تكون قد شاركت في ذلك ولكن قادتها أيضا  انكروا أن المقتولين هم من المدنيين.

وقال نوري “هؤلاء الناس الذين بقوا في بروانة ينتمون إلى الدولة الإسلامية” واضاف “ما كان علينا القيام به؟ رمي الورود لهم أو قتلهم؟ ” وقال “مقاتلوا الدولة الإسلامية متوحشون وعندما نواجههم فنحن نتوقع ان تهدم المساجد وتحرق المنازل لأننا لا نلعب معهم مباراة كرة القدم ولسنا في نزهة”.

السنة “المرعوبون”

قال كينيث بولاك من معهد بروكينغز الذي زار بغداد مؤخرا والذي أشار إلى تزايد سطوة الميليشيات حيث نبه الى أن مثل هذه الأساليب لا تساعد على تعزيز المصالحة التي تشكل عنصرا أساسيا في سياسة الولايات المتحدة تجاه العراق, واضاف ان “العراقيين يستعدون لاستعادة معاقل السنة وهم ينون الذهاب مع قوة شيعية” وقال “إن السكان السنة مرعوبون وأنهم سوف يعتبرون هذا بمثابة غزو شيعي لوطنهم وهذا لن ينهي الحرب الأهلية بل سوف يؤججها “.

وعلى الرغم من تباهي الميليشيات فإنه من غير الواضح فيما إذا كانت قادرة على متابعة المعركة في المناطق السنية بما في ذلك محافظات الانبار وصلاح الدين ونينوى حيث تتثبت الدولة الإسلامية بحزم أكثر, وحتى الآن اقتصرت نجاحاتها في الغالب على المناطق ذات الاغلبية الشيعية بما في ذلك جنوب بغداد وبعض أجزاء من شرق صلاح الدين وآخرها ديالى.

لكن نوري قائد بدر قال ان الميليشيات يفضلون عدم الحصول على اي مساعدة أمريكية عند الهجوم على الموصل حيث قال “ليست لدينا مشكلة” الآن اذا ارادت الولايات المتحدة الاستمرار في غاراتها الجوية واضاف “لكن لا ينبغي توجيه الضربات عندما نكون في ميدان القتال فنحن لا نريد ان يسجل التاريخ ان الهجوم الذي قمنا به كان مع غطاء الأمريكي”.

رابط المصدر:

Iraq’s pro-Iranian Shiite militias lead the war against the Islamic State